التهاب الجيوب الأنفية : تقرير شامل ومفصل عن امراض الجيوب الأنفية

يعتبر التهاب الجيوب الأنفية من أكثر الحالات الشائعة التي تؤثر على صحة الإنسان، حيث يعاني الملايين من أعراضه المزعجة مثل الاحتقان، والألم، والصداع. في عالم اليوم، حيث تتزايد الضغوط البيئية وتغيرات المناخ، أصبح هذا الالتهاب قضية صحية تتطلب اهتمامًا خاصًا. لكن ما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا الالتهاب، وكيف يمكننا التمييز بين الأنواع المختلفة لهذه الحالة؟

في هذا المقال، سنستعرض الأسباب الرئيسية لالتهاب الجيوب الأنفية، وكيفية تشخيصه وعلاجه بشكل فعال. كما سنناقش أساليب الوقاية والتخفيف من الأعراض، مما يُساهم في تحسين جودة الحياة للأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة. انضم إلينا في استكشاف وفهم كيف يمكننا التغلب على هذه الحالة المزعجة بشكل أفضل.

تعريف الجهاز التنفسي واهميته

تكون وظيفة الجهاز التنفسي الرئيسية هي تبادل الغازات حيث يتم الحصول على الأوكسجين وطرح ثنائي أوكسيد الكاربون. الذي ينتج عن العمليات الأيضية لمختلف خلايا الجسم . وكذلك يقوم بترطيب وتدفئة الهواء والشم عن طريق البصيلات الشمية الموجودة في الأنف.

أن إصابات المسالك التنفسية الحادة (Acute Respiratory Tract Infection) هي السبب الأساسي للوفيات في البلدان قليلة الدخل. وكذلك تصنف بالمرتبة الخامسة من بين مسببات الوفيات في العالم. إذ تشير بعض الإحصائيات العالمية أن نحو ثلاثة ملايين بالغ وثلاثة ملايين طفل يموتون في السنة بسبب وجود هذا النوع من الإصابات.

يقسم الجهاز التنفسي إلى جزئين بحسب الوظيفة، الجزء الأول يمثل المناطق الموصلة. وتشمل الأنف الى الشعيبات يتم بوساطتها إيصال الغازات المستنشقة. والجزء الثاني المنطقة التنفسية وتضم القناة السنخية إلى الحويصلات الهوائية يتم فيها تبادل الغازات، كما في الشكل.

تعد عدوى الفيروسات الأنفية Rhinoviruses السبب الأكثر شيوعا لعدوى الجهاز التنفسي العلوي (URIS)، إذ تكون ذاتية الشفاء. ويمكن أن تتطور العدوى الفيروسية إلى الالتهاب البكتيري وتسبب التهاب الجيوب المزمن.

تشريح الأنف والجيوب الأنفية

الأنف عبارة عن فتحة يتم بواسطتها التنفس وترطيب وتنظيم درجة حرارة الهواء عند دخوله إليه ثم إلى البلعوم والرئة ويوفر الشم. ويقسم بواسطة الحاجز الأنفي الى قسمين أيمن وأيسر. توجد التوربينات العلوية والمتوسطة والسفلية من الجدران الجانبية لكل جانب من جوانب الأنف. وتنتشر في الكثير من المساحة داخل تجويف الأنف.

وتوجد فوق الصماخ الأنفي العلوي والمتوسط والسفلي، على التوالي ولكن عندما تكون هذه التوربينات كبيرة جدا . تؤدي إلى منع تدفق الهواء الصماخ الأوسط مهم لأنه يحتوي على ثلاثة مسارات عظمية ملتفة وقريبة ومحددة الصفوف.

توجد أنواع من الخلايا الظهارية التي تبطن تجويف الأنف والجيوب الأنفية وكذلك الخلايا الكأسية، إذ تتأثر بالبيئة الخارجية وتتعرض للتغيرات في درجة الحرارة المحيطة والرطوبة والملوثات والمواد المسببة للحساسية. فضلا عن وجود الجيوب الأنفية حول الأنف وترتبط بالتجويف الأنفي الرئيس بوساطة فتحات صغيرة تسمى Ostia .

تعريف الجيوب الأنفية

الجيوب الأنفية Paranasal Sinuses هي مساحات مجوفة تكون مملوءة بالهواء وموقعها في عظام الوجه وقاعدة الجمجمة التي تحيط بالتجويف الأنفي . تكون وظيفة الجيوب الأنفية هي تسخين وترطيب الهواء، تخفيف الوزن النسبي المقدمة الجمجمة، تزيد صدى الصوت، تعمل كحاجز ضد الضربات على الوجه.

تعزل بعض الاجزاء الحساسة مثل جذور الأسنان والعينين من المتغيرات السريعة في درجة الحرارة في تجويف الأنف . وترتبط بنظام متصل من تجاويف تبطن بغشاء مخاطي مهدب تصبح كجراب خارجي من الممرات الأنفية وتتطور بشكل واضح كما في الصور الشعاعية وعدم توقفها عن النمو حتى سن 18 عاما .

انواع الجيوب الأنفية

هناك أربعة أزواج من الجيوب الأنفية: الجيوب الغربالية Ethmoidal sinuses الجيوب الجبهية Frontal sinuses الجيوب الوتدية sinuses Maxillary الجيوب الفكية Sphenoid، كما هو موضح في الشكل.

تقع الجيوب الغربالية بين الأنف والعينين، وتتكون من خلايا هوائية داخل العظم الغربالي. كما تقع الجيوب الجبهية فوق العينين، ويقسمها الحاجز المتوسط ​​إلى قسمين. وتقع الجيوب الوتدية عند قاعدة الجمجمة. تقع الجيوب الفكية، وهي الأكبر، أسفل العينين، وتصرّف عبر الصماخين الأنفيين العلوي والوسطي.

تفتح الخلايا الغربالية بعد ذلك في التجاويف الشوكية على جانبي الحاجز الأنفي الخلفي. يؤدي انسداد هذه الجيوب إلى الضغط عليها، وعدم قدرتها على تصريف المخاط، مما يعرض الشخص لخطر العدوى.

تعريف التهاب الجيوب الأنفية وتصنيفها

التهاب الجيوب الأنفية Sinusitis هو التهاب في جدار الجيوب الأنفية ويكون بشكل تجويف صغير متصل ببعضه بعضا بوساطة الممرات الأنفية في عظام الجمجمة. كما يقع على الجزء الخلفي من الجبهة داخل هيكل عظم الوجنة على جانبي الأنف وخلف العينين.

ويعد من أكثر الأمراض شيوعا في طب الأنف والأذن والحنجرة، لوجود التغيرات في الوضع البيئي في العالم والانتشار الواسع لكل من أمراض الجهاز التنفسي التحسسية والفيروسية، والاستخدام غير العقلاني للأدوية المضادة للبكتيريا، وانخفاض آليات المناعة الموضعية والعامة.

التهاب الجيوب الأنفية الحاد ARS) Acute Rhinosinusitis)

هو مجموعة من الاضطرابات التي تتميز بالتهاب الظهارة التنفسية Respiratory epithelium للأنف والجيوب الأنفية . يستمر فيها الالتهاب أقل من 12 أسبوعا المرضى الذين يعانون من التهاب الجيوب الحاد تظهر لديهم مجموعة من الأعراض الصداع الانسداد الأنفي المفاجئ آلام الوجه فوق الجيوب الأنفية. وكذلك التصريف القيحي وتغير حاسة الشم ورائحة الفم الكريهة وآلام الأسنان بعد التشخيص السريري.

لا يلزم إجراء التصوير المقطعي الا في حالة حدوث مضاعفات منها التهاب السحايا وخراج الدماغ والتهاب النسيج الخلوي. يكون التهاب الجيوب الأنفية الفيروسي الحاد أكثر شيوعا من التهاب الجيوب الأنفية البكتيري الحاد، إذ تختفي العدوى الفيروسية من تلقاء نفسها . بينما إذا أستمرت الأعراض لأكثر من عشرة أيام تستخدم المضادات الحيوية (Antibiotics)

وتكون العدوى البكتيرية هي الأكثر احتمالا. تستخدم كمادات الوجه الدافئة لتخفيف الألم ومزيلات احتقان الأنف أو غسل الأنف بمحلول ملحي دافئ لمعالجة انسداد الأنف للمرضى الذين يعانون من الأعراض لمدة تقل عن عشرة أيام. وكذلك تناول كمية كافية من السوائل والراحة

التهاب الجيوب الأنفية المزمن CRS) Chronic rhinosinusitis)

هو التهاب في الأنف والجيوب الأنفية يستمر لأكثر من 12 أسبوعًا ويظهر بأعراض مشابهة لأعراض التهاب الجيوب الأنفية الحاد. تعد مضاعفات التهاب المزمن شائعة نسبيا، في حين أن المضاعفات المتعلقة بالتهاب الجيوب الأنفية الحاد نادرة نسبيًا.

يتم تميزه بوجود عرضين أو أكثر من الأعراض الآتية: احتقان أو انسداد بالأنف، إفرازات أنفية، ألم بالوجه ضغط، فقدان الرائحة. يجب أن يكون أحدها أما انسدادا بالأنف أو إفرازات أنفية لأكثر من اثني عشر أسبوعا. يعاني نحو 25% إلى 30% من مرضى (CRS) بوجود الزوائد الأنفية nasal polyps هي عبارة عن كتل التهابية تنمو من الغشاء المخاطي للجيوب الأنفية.

يتم استخدام بخاخات الأنف وكذلك استخدام المضادات الحيوية للعلاج ويتم إختيار المضاد الحيوي المناسب تبعا للعامل المسبب مثل (Amoxillin و Doxycycline). يتم اللجوء لجراحة الجيوب الأنفية بالمنظار لفتح مسارات الجيوب وإزالة الانسداد إذا لم تكن هنالك استجابة كافية للعلاج الدوائي.

مسببات التهاب الجيوب الأنفية

مسببات فيروسية

الإصابة الفيروسية هي السبب الأكثر شيوعا لعدوى الجهاز التنفسي العلوي بما في ذلك المرض مما يؤدي لحدوث خلل في الممرات الأنفية وتورم الغشاء المخاطي وانسداد فتحات الجيوب الأنفية بالمخاط وتعطيل الدفاع المناعي ومن الفيروسات التي تسبب الالتهاب Rhinoviruses Parainfluenzavirus.

غالبا ما تصاب الخلايا الظهارية بفيروسات الجهاز التنفسي الشائعة والتي يمكن أن تحفر إنتاج العديد من الحركيات الخلوية في حالة فيروسات الأنف. ينتقل الفيروس بعد ترسبه في الأنف إلى البلعوم الأنفي الخلفي ويلتصق بمستقبل معين الفيروسات الأنف بعد بدء العدوى .

مسببات بكتيرية

التهاب الجيوب الأنفية الذي يكون مصحوب بعدوى بكتيرية غالبا ما يجري اكتسابه بعد الاصابات الفيروسية كعدوى جرثومية ثانوية يتم عزل البكتريا في المرضى. ومن البكتريا الشائعة تتواجد في المضيف الذي (Staphylococcus aureus, Haemophilus influenzae) هي يعاني من نقص المناعة. حيث تتطور عدوى التهاب الجيوب الأنفية المزمن أن معرفة الأحياء الدقيقة لالتهاب وقابليتها لمضادات الميكروبات له أهمية كبيرة عند إختيار العلاج المضاد للميكروبات.

مسببات فطرية

مجموعة من الفطريات تصيب الجيوب الأنفية وتكون متفاوتة في شدة الإصابة يمكن أن تكون الإصابة حادة أو مزمنة. وتصنف بشكل شائع على انه غير غازي أو غازي معتمدا على ما إذا كانت الفطريات قد غزت الأنسجة. كما في الورم الحبيبي المزمن ويحدث في الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة. وتتم الإصابة عند إستنشاق الفطريات ويتم دخولها إلى الأنف والجيوب الأنفية.

اقرأ ايضا: ما هو التهاب الأنف التحسسي أو حمى القش وما هي أعراضه؟

العوامل المؤثرة على التهاب الجيوب الأنفية

• الحساسية (Allergy)
  • يمثل التهاب الأنف التحسي عامل خطر في حالة الإصابة الحادة والمزمنة وتختلف الأعراض باختلاف الموسم والحساسية الفطرية التي تسبب تطور مرض التهاب الجيوب الأنفية المزمن (CRS).
• أمراض الجهاز التنفسي المتفاقمة مع الأسبرين Aspirin-exacerbated respiratory disease (AERD)
  • هو اضطراب يصيب البالغين المصابين بالربو وكذلك الذين يعانون من السلائل الأنفية والتي تتكرر حتى بعد إزالتها عن طريق الجراحة، إذ يتفاقم المرض بسبب حساسية الأسبرين.
• الوراثة (Genetics)
  • تلعب الوراثة دورا في احتمالية الإصابة بمشاكل في الجيوب الأنفية كما في جينات (HLA) التي تؤثر على الاستجابة الالتهابية للطفرات وتسبب التليف الكيسي والأمراض الهدبية.
• اضطراب الارتجاع المعدي المريني Gastroesophageal reflux disorde
  • يحدث بسبب ارتجاع الحامض المتواجد في المعدة إلى المريء ويمكن أن يؤدي هذا لتهيج بطانة المريء، إذ يتدفق الحامض في البلعوم والأنف ويسبب التهاب الجيوب الأنفية والغشاء المخاطي الذي يبطن الأنف .
• التدخين (Smoking)
  • بعد التدخين أحد العادات الضارة التي تصيب الفرد وتسبب أمراض الجهاز التنفسي ويرفع خطر الإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية، يضر بالأغشية المخاطية ومن الأعراض هي انسداد الأنف وإفرازات قيحية من الأنف وجفاف الغشاء المخاطي.
• الربو Asthma
  • الربو والتهاب الجيوب الأنفية المزمن هما جزء من مرض التهابي جهازي له تأثير على الجهاز التنفسي، إذ إن هناك علاقة بين شدة الربو والسمات السريرية والتصويرية لالتهاب الجيوب الأنفية لذلك تحتاج كل من المسالك الهوائية العلوية والسفلية إلى التقييم والعلاج وبالتالي يجب فحص منطقة الجيوب الأنفية في المرضى الذين يعانون من الربو المتوسط أو الشديد .
• نقص المناعة Immune deficiencies
  • يرتبط التهاب الجيوب المزمن (CRS) مع وجود علاقة بين العوامل البيئية وجهاز المناعة للمضيف، إذ تؤدي الاضطرابات في عمل الغشاء المخاطي للجيوب الأنفية إلى ظهور أعراض سريرية .
• التعرض للظروف الخارجية Exposure to external conditions
  • يؤثر استنشاق السموم البيئية وكذلك تلوث الهواء (Air pollution) تؤدي لانتشار التهاب الجيوب الأنفية وزيادة شدة المرض، إذ أن الغشاء المخاطي للأنف هو من بين خطوط الدفاع الأولى ضد التعرض للظروف البيئية الخارجية.

دراسة مهمة حول الاصابة والفئات العمرية والجنس

الاصابة حسب الفئات العمرية

أن أعلى معدل للإصابة بالمرض كانت في الفئة العمرية (20-29) عاما. بشكل عام، أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما كانوا أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الجيوب الأنفية . ومع ذلك، وجدت دراسة أخرى أجريت في الهند أن أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و 30 عاما هم الأكثر شيوعا،

أن هذه الفئة العمرية تكون نشطة وأكثر عرضة للعوامل البيئية مثل المواد المسببة للحساسية، تغير المناخ ودرجة الحرارة، تلوث الهواء أو من لديهم فرصة انتقال العوامل المسببة من شخص لآخر. كما ان ارتفاع ملحوظ في الفئة العمرية (50-59) سنة، إذ يؤدي العمر أثرا بارزا في الفسيولوجية المرضية وتعرض كبار السن للأمراض المزمنة وعبه الأعراض، إذ أن لهذه المسببات آثار على إدارة المرض.

الاصابة حسب الجنس

تبين الدراسات ان ارتفاع عدد المصابين بالمرض من جنس الذكور مقارنة مع جنس الإناث. إذ يمثل جنس الذكور نسبة 54.8% من حالات التهاب الجيوب الأنفية مقابل 45.2% من جنس الإناث. وكذلك في إيطاليا ارتفاع عدد المصابين بالمرض من جنس الذكور مقارنة مع جنس الإناث.

ويعتقد أن سبب ارتفاع المرض عند الذكور أكثر من الإناث إلى أن الذكور أكثر عرضة للظروف البيئية الخارجية المختلفة في العمل مثل الغبار والرطوبة والدخان وأكثر مشاركة في أنشطة الهواء الطلق وبالتالي أكثر عرضة لبيئة ملوثة.

ملخص

يعد التاريخ الطبيعي لالتهاب الجيوب الأنفية الحاد عند البالغين مناسبا، إذ يعاني ما يقرب من 85% من الأشخاص من انخفاض الأعراض في غضون 7 إلى 15 يوما دون علاج بالمضادات الحيوية، ومع ذلك، يتم وصف المضادات الحيوية لـ (84%) إلى (91%) من المرضى المصابين بالتهاب الجيوب الأنفية الحاد الذي تم تشخيصه في أقسام الطوارئ والعيادات الخارجية.

يرتبط هذا التناقض جزئيا، بتوقعات المريض فيما يتعلق بالعلاج بالمضادات الحيوية وإلى عدم التوافق بين الإرشادات السريرية في حالات قليلة من التهاب الجيوب الأنفية المزمن تتسبب الظروف الأساسية المهمة في إحداث الالتهاب، مثل التشوهات التشريحية الجيبية الأنفية، والتليف الكيسي، وخلل الحركة الهدبية. ومع ذلك، فإن غالبية الحالات تعتبر حاليا مجهولة السبب.