السرطان (Cancer): مقال شامل عن الأعراض وطرق التشخيص وأحدث وسائل العلاج
- النقاط الأساسية التي يتم طرحها دائمًا فيما يتعلق بالسرطان هي التعرف السريع عليه وإمكانية علاجه. في هذه المقالة، يتم تقديم المعلومات المتعلقة بالسرطان وطرق تشخيصه وعلاجه.
يعد السرطان (Cancer) من أكثر الأمراض انتشارًا حول العالم، إذ يصيب ملايين الأشخاص سنويًا بمختلف أنواعه وأشكاله. ويتميز هذا المرض بقدرته على النمو داخل الجسم بشكل غير طبيعي، حيث يمكن أن يبدأ في عضو واحد ثم ينتشر بصمت إلى أعضاء أخرى، مما يجعله من أخطر الأمراض المزمنة التي تهدد حياة الإنسان وتؤثر على نوعية حياته اليومية.
شهدت العقود الأخيرة تقدمًا كبيرًا في الأبحاث الطبية لفهم طبيعة السرطان بشكل أعمق، وتحديد أسبابه، وابتكار طرق تشخيص وعلاج أكثر فعالية، مما زاد من فرص الشفاء لدى كثير من المرضى عند اكتشاف المرض في مراحله المبكرة.
في هذه المقالة من موقع صحة لاند، سنتعرّف معًا على ما هو السرطان، وأهم أنواعه، وأعراضه، وطرق التشخيص والعلاج الحديثة، لتكوين صورة شاملة تساعد القارئ على الوقاية والفهم الصحيح لهذا المرض المعقّد.
جدول المحتويات
- ما هو السرطان؟
- هل السرطان مرض؟
- الأساس الخلوي والجزيئي للسرطان: فئات التغيرات الرئيسية وتأثيرها على النمو الخلوي
- ما هي الخلايا السرطانية؟
- أنواع الأورام
- 1. الأورام الحميدة (Benign Tumors)
- 2. الأورام الخبيثة (Malignant Tumors)
- سرطان الثدي (Breast Cancer)
- سرطان الرئة (Lung Cancer)
- سرطان القولون والمستقيم (Colorectal Cancer)
- سرطان الكلى (Kidney Cancer)
- سرطان المثانة (Bladder Cancer)
- اللوكيميا (سرطان الدم ونخاع العظم) (Leukemia)
- سرطانات الغدد اللمفاوية (Lymphomas)
- سرطانات العظام (Bone Sarcomas)
- سرطان الجلد (Skin Cancer)
- كيف يحدث السرطان في جسم الإنسان؟
- كيف يتطور السرطان وينتشر؟
- الفرق بين الخلايا السرطانية والخلايا السليمة
- أعراض السرطان
- أسباب الإصابة بالسرطان
- أنواع تشخيص السرطان
- 1. الخزعة (Biopsy)
- 2. اختبار تعداد الدم الكامل (Complete Blood Count – CBC)
- 3. الاختبار الجيني (Genetic Testing)
- 4. تحليل الكروموسومات (Chromosome Analysis)
- 5. تحليل السائل النخاعي (Cerebrospinal Fluid Analysis – CSF)
- 6. علامات الأورام (Tumor Markers)
- 7. البزل القطني (Lumbar Puncture)
- 8. اختبارات الدم والبول
- 9. تقنيات التصوير الطبي
- طرق علاج السرطان
- 3. العلاجات التكميلية (Complementary Treatments)
- أهم مضاعفات السرطان
- أهمية المتابعة الطبية المبكرة لتقليل مضاعفات السرطان وتحسين جودة الحياة
- كيفية اتباع نظام غذائي مفيد أثناء مراحل علاج السرطان
- ما هو مستقبل علاج السرطان في ظل التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي؟
- الأسئلة الشائعة
ما هو السرطان؟
السرطان (بالإنجليزية: Cancer) هو مجموعة من الأمراض التي تنشأ عندما تبدأ بعض خلايا الجسم بالنمو بشكل غير طبيعي وخارج عن السيطرة، مما يؤدي إلى تكون كتل تعرف بالأورام.
قد تكون هذه الأورام حميدة (غير سرطانية) لا تنتشر إلى الأنسجة المجاورة، أو خبيثة (سرطانية) تمتلك القدرة على غزو الأعضاء القريبة والانتقال إلى مناطق أخرى من الجسم عبر الدم أو الجهاز الليمفاوي، في عملية تُعرف باسم الانتشار أو النقائل.
يحدث السرطان نتيجة تغيرات جينية (طفرات) تجعل الخلايا تفقد قدرتها الطبيعية على التحكم في الانقسام والموت المبرمج. وتسهم في هذه التغيرات عدة عوامل، منها:
- العوامل البيئية مثل التدخين، التعرّض للإشعاع، والمواد الكيميائية الضارة.
- العوامل الوراثية الموروثة من أحد الوالدين.
- نمط الحياة غير الصحي مثل قلة النشاط البدني وسوء التغذية.
يعد السرطان من أكثر الأمراض المزمنة خطورة وانتشارًا حول العالم، لكن الكشف المبكر والعلاج في المراحل الأولى يرفعان بشكل كبير من فرص الشفاء ويحدان من المضاعفات.
أما الأورام الحميدة، فهي لا تنتشر عادة، لكنها قد تسبب مشكلات إذا كبرت وضغطت على الأنسجة أو الأعضاء المجاورة.
هل السرطان مرض؟
يخطئ كثير من الناس عندما يعتقدون أن السرطان مرض واحد، بينما هو في الحقيقة مجموعة من الأمراض المعقدة التي تنشأ نتيجة تغيّر في البنية الطبيعية للخلايا داخل الجسم.
يتكون جسم الإنسان من ملايين الخلايا التي تشكل الأنسجة المختلفة مثل العضلات والعظام والجلد، وتتكاثر هذه الخلايا بطريقة منظمة ومضبوطة للحفاظ على النمو الطبيعي للجسم وتجديد أنسجته. غير أن هذا التوازن الدقيق قد يختل عندما تفقد بعض الخلايا قدرتها على التنظيم الذاتي، فتنقسم بصورة سريعة وغير طبيعية، مما يؤدي إلى تكوّن ما يُعرف بـ الأورام، والتي قد تكون حميدة أو خبيثة تبعًا لطبيعة الخلايا وسلوكها داخل الجسم.
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن ما يقرب من 30% من حالات السرطان يمكن الوقاية منها، بينما تعزى نسبة تتراوح بين 5% إلى 10% فقط إلى عوامل وراثية موروثة. أما النسبة المتبقية فترتبط بعوامل بيئية وسلوكية مثل التدخين، وسوء التغذية، وقلة النشاط البدني، والتعرّض للملوّثات البيئية، وبعض أنواع العدوى. ويعد التدخين واستعمال منتجات التبغ أبرز عوامل الخطر القابلة للوقاية عالميًا.
الأساس الخلوي والجزيئي للسرطان: فئات التغيرات الرئيسية وتأثيرها على النمو الخلوي

يشكل السرطان اضطرابًا وراثيًا على المستوى الخلوي والجزيئي، ينشأ نتيجة سلسلة من الطفرات المتتابعة في الجينات التي تتحكم في انقسام الخلايا وتمايزها وموتها الطبيعي. وقد ساهم مشروع الجينوم البشري، الذي اكتمل عام 2003، في الكشف عن حوالي 23,500 جين فعّال داخل نواة كل خلية بشرية، تنتج نحو 400 ألف نوع من البروتينات المسؤولة عن الوظائف الحيوية المختلفة، مثل الإنزيمات والهرمونات والمستقبلات والجزيئات المنظمة.
التغيرات الجزيئية والبيئية
تؤدي الطفرات الجزيئية إلى تغيرات في بنية ووظيفة الخلايا، مما يخل بتوازن الجسم الطبيعي. يعد السرطان في جوهره مرضًا وراثيًا متعدد العوامل، ويقدر أن هناك أكثر من 277 اضطرابًا سرطانيًا ناتجًا عن تفاعل الجينات مع البيئة.
تشير الدراسات الوبائية إلى أن العوامل البيئية مسؤولة عن نحو 93% من حالات السرطان، حيث يسهم التدخين بنسبة 30%، والنظام الغذائي غير الصحي بنسبة 35%، والأمراض المعدية بنسبة 25%، والإشعاع المؤيّن وغير المؤيّن بنسبة 10%.
كما تحتوي بيئتنا على أكثر من 100 ألف مركب كيميائي، تم فحص نحو 35 ألفًا منها فقط، وُجد أن حوالي 300 مركب يمتلك خصائص مسرطنة مؤكدة، في حين لا تزال غالبية هذه المواد غير مدروسة بالشكل الكافي.
المواد المسرطنة وآثارها
المواد المسرطنة هي عوامل كيميائية أو فيزيائية قادرة على إحداث تغيرات في الحمض النووي داخل الخلية، ما يؤدي إلى تكوين خلايا شاذة.
على سبيل المثال، يحتوي دخان السجائر على أكثر من 40 مركبًا مسرطنًا معروفًا، أبرزها تلك التي تسبب سرطان الرئة. كما أن الإشعاعات والفيروسات والبكتيريا والطفرات الوراثية تعد من العوامل الأخرى التي تؤثر في نواة الخلية وسيتوبلازمها، مسببة اضطرابات جينية تؤدي إلى نشوء الورم الخبيث.
الجينات المتورطة في تطور السرطان
يمكن تصنيف الجينات التي تتأثر بالطفرات وتشارك في نشوء السرطان إلى أربع فئات رئيسية، يوضح كل منها جانبًا مختلفًا من الخلل الخلوي الذي يؤدي إلى المرض:
1. الجينات المسرطنة (Oncogenes)
هي جينات طبيعية في الأصل تعرف باسم البروتو-أونكوجينات، لكنها تتحول إلى جينات مسرطنة عند حدوث طفرة أو زيادة في نشاطها. تعمل هذه الجينات على تعزيز نمو الخلايا وانقسامها وبقائها، وعندما تصبح مفرطة النشاط، فإنها تدفع الخلايا إلى التكاثر غير المحدود، مكوّنةً الأورام الخبيثة.
2. الجينات الكابحة للورم (Tumor Suppressor Genes)
تعمل هذه الجينات كآلية دفاعية داخل الجسم، إذ تقوم بكبح نمو الخلايا غير الطبيعي وتنظيم دورة انقسامها. وعندما تتعطل وظيفتها بسبب الطفرات، تفقد الخلايا قدرتها على ضبط النمو، مما يسمح بتطور الأورام.
من أبرز هذه الجينات p53، الذي يعرف بـ“حارس الجينوم”، حيث يوقف انقسام الخلايا المتضررة أو يدفعها إلى الموت المبرمج إذا فشل إصلاحها.
3. جينات إصلاح الحمض النووي (DNA Repair Genes)
تلعب هذه الجينات دورًا جوهريًا في الحفاظ على استقرار الجينوم من خلال إصلاح التلف الذي يصيب الحمض النووي أثناء انقسام الخلايا. عند حدوث خلل فيها، تتراكم الأخطاء الوراثية، مما يزيد احتمالية التحول السرطاني.
من أمثلتها BRCA1 وBRCA2، اللذان يرتبطان بارتفاع خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض.
4. جينات الموت الخلوي المبرمج (Apoptosis Genes)
تنظم هذه الجينات عملية موت الخلايا المبرمج (Apoptosis)، وهي آلية ضرورية للتخلص من الخلايا التالفة أو غير الضرورية. وعندما تفقد هذه الجينات وظيفتها، تظل الخلايا التالفة على قيد الحياة، مما يتيح لها التحول إلى خلايا سرطانية. من أبرز هذه الجينات Bcl-2، الذي يثبط موت الخلايا المبرمج ويعد من الجينات الشائعة في العديد من الأورام الخبيثة.
ما هي الخلايا السرطانية؟

الخلايا السرطانية تعد خلايا شاذة وغير طبيعية، إذ تفقد قدرتها على التوقف عن الانقسام، وتحتفظ بقدرتها على النمو والتكاثر بلا حدود، كما تتجاهل الإشارات الحيوية التي تنظم دورة حياتها الطبيعية أو تنهيها. ولهذا السبب، تعتبر الأورام السرطانية من أكثر الظواهر تعقيدًا في الجسم البشري، نظرًا لقدرتها على مقاومة آليات التنظيم الخلوية والاستمرار في التكاثر دون استجابة للعمليات الحيوية المعتادة.
تستمر الأورام في النمو، وبعضها، المعروف بـ الأورام الخبيثة، يمتلك القدرة على الانتشار من موضعه الأصلي إلى أماكن أخرى من الجسم عبر الدورة الدموية أو الجهاز اللمفاوي. وتختلف الخلايا السرطانية عن الخلايا الطبيعية في جوانب متعددة؛ فهي لا تمرّ بمرحلة الشيخوخة البيولوجية، وتواصل انقسامها لفترات طويلة، ولا تستجيب للإشارات التي تحدّ من نشاطها.
إن ما نعرفه باسم السرطان هو في الحقيقة مجموعة تضم أكثر من مئة نوع مختلف من الأمراض، تشترك جميعها في سمة أساسية واحدة وهي النمو المفرط وغير المنتظم للخلايا. ويؤدي هذا النمو إلى تدمير الأنسجة المحيطة، وقد يصل في الحالات المتقدمة إلى مرحلة النقائل، حيث تنتقل الخلايا السرطانية إلى مناطق أخرى من الجسم وتواصل نموها هناك.
سنناقش في الجزء التالي أنواع أورام السرطان ومراحل تطورها بمزيد من التفصيل.
أنواع الأورام

تصنف الأورام عمومًا إلى نوعين رئيسيين، يختلفان في طبيعة نموهما وسلوك خلاياهما داخل الجسم: أورام حميدة وأورام خبيثة. في الفقرات التالية، سنقدم شرحًا مفصلًا لكل نوع، موضحين خصائصه، وآلية تطوره، ومدى تأثيره على صحة الإنسان.
1. الأورام الحميدة (Benign Tumors)

الأورام الحميدة يتم تعريفها طبيآ بأنها كتل خلوية تنشأ نتيجة نمو غير طبيعي في بعض خلايا الجسم، لكنها تنمو ببطء ولا تغزو الأنسجة المجاورة أو تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. وغالبًا ما تكون هذه الأورام محدودة في مكانها، ولا تشكل خطرًا مباشرًا على حياة الإنسان.
يعالج هذا النوع من الأورام عادة عن طريق التدخل الجراحي لاستئصال النسيج المتأثر، ويعد ذلك العلاج الأكثر فاعلية. ومعظم الحالات تشفى تمامًا بعد الجراحة ولا تعود مجددًا.
إلا أن هناك حالات نادرة قد تصبح فيها الأورام الحميدة خطيرة أو مميتة، وذلك إذا نشأت في أماكن حسّاسة أو حيوية من الجسم مثل الدماغ أو الحبل الشوكي، حيث يمكن أن تضغط على أنسجة أو أعضاء أساسية وتسبب خللاً في وظائفها.
ومع ذلك، فإن الأغلبية العظمى من الأورام الحميدة لا تهدد الحياة ويمكن السيطرة عليها بسهولة إذا شخصت وعولجت في الوقت المناسب.
مقالة ذات صلة: أورام الدماغ: كل ما تحتاج لمعرفته عن أسبابها وعلاجها.
2. الأورام الخبيثة (Malignant Tumors)

الأورام الخبيثة النقيض المباشر للأورام الحميدة، إذ تبدأ في منطقة محدودة من الجسم لكنها تمتلك قدرة عالية على غزو الأنسجة والأعضاء المجاورة والبعيدة بسرعة ملحوظة. وتعد هذه الأورام مسؤولة عن التدمير التدريجي لوظائف الأعضاء الحيوية، نتيجةً لقدرتها على الانقسام غير المنضبط والتسلل إلى أماكن أخرى من الجسم.
1. الانتشار والانتقال (Metastasis)

تنشأ خطورة الأورام الخبيثة من قدرتها على فقدان ارتباطها بالنسيج الأصلي، ثم الانتقال عبر مجرى الدم أو الجهاز اللمفاوي (Lymphatic System) إلى مواقع بعيدة، حيث تنمو مجددًا وتشكل أورامًا ثانوية. تعرف هذه العملية باسم الانتقال أو النقيلة (Metastasis)، وهي مرحلة متقدمة من تطور السرطان تمثل أكثر مراحله تهديدًا.
خلال عملية النقيلة، تنفصل ملايين الخلايا السرطانية عن الورم الأصلي وتدخل الأوعية الدموية، ورغم أن معظمها يدمر بواسطة الجهاز المناعي (Immune System)، إلا أن عددًا قليلًا منها ينجو ويتمكن من الاستقرار في أنسجة جديدة، مكوّنًا بؤرًا سرطانية ثانوية.
على سبيل المثال، إذا انتقل سرطان الثدي (Breast Cancer) إلى العظام، فإن الخلايا السرطانية في العظام تظل خلايا ثديية المنشأ، وتعرف الحالة بـ السرطان النقيلي للثدي (Metastatic Breast Cancer) وليس سرطان العظام.
2. تصنيف الأورام الخبيثة
تقسم الأورام السرطانية الخبيثة إلى فئتين رئيسيتين:
- السرطانات الظهارية (Carcinomas): تنشأ في الأنسجة الطلائية (Epithelial Tissues) التي تُغطي السطح الخارجي للجسم وبطانة الأعضاء والأوعية الدموية والتجاويف.
- السرطانات اللحمية (Sarcomas): تتكون في الأنسجة الرخوة مثل العضلات، العظام، الدهون، الأوتار، الأربطة، والأوعية الدموية.
كما توجد أنواع أخرى مثل:
- سرطان الدم (Leukemia): ينشأ في نخاع العظم (Bone Marrow) ويؤثر على إنتاج خلايا الدم البيضاء.
- اللمفوما (Lymphoma): تصيب الخلايا اللمفاوية (Lymphocytes) من نوعي B و T ضمن الجهاز المناعي.

ويطلق على السرطان اسمه تبعًا للعضو أو النسيج الذي ينشأ منه، مثل سرطان الكبد (Liver Cancer)، سرطان الرئة (Lung Cancer)، أو سرطان الجلد (Skin Cancer).
3. النشاط الأيضي للخلايا السرطانية
تتميّز الخلايا السرطانية بمعدل استهلاك مرتفع جدًا للغلوكوز (Glucose)، وهو السكر الأساسي اللازم لإنتاج الطاقة. وتستمد هذه الخلايا طاقتها من خلال عملية التحلل السكري (Glycolysis) حتى في وجود الأوكسجين، وهي سمة تُعرف بظاهرة “تأثير واربورغ (Warburg Effect)”.
تقوم الميتوكوندريا (Mitochondria) داخل الخلايا السرطانية بإنتاج طاقة كافية لدعم النمو غير الطبيعي، كما تُساهم في مقاومة العلاج الكيميائي (Chemotherapy Resistance).
4. الانقسام الخلوي وفقدان السيطرة الجينية
تنشأ الأورام نتيجة فقدان السيطرة على عملية الانقسام الخلوي (Cell Division). ففي الحالة الطبيعية، تنقسم الخلايا بشكل منظم، وتخضع بعض الخلايا للموت المبرمج (Apoptosis) للحفاظ على التوازن البنيوي للجسم.
أما في السرطان، فتحدث طفرات في الجينات المنظمة للانقسام مثل جين p53، ما يؤدي إلى فقدان السيطرة على دورة الخلية. ورغم أن الجسم يمتلك آليات بيولوجية لكشف وتدمير الخلايا المتحولة، إلا أن بعض الطفرات تنجو وتتكاثر لتشكّل في النهاية كتلة ورمية (Tumor Mass).
5. آليات الهروب من الجهاز المناعي
تطوّر الخلايا السرطانية آليات متقدّمة لتفادي اكتشافها من قبل الجهاز المناعي. فبعض الأورام تفرز بروتينات مشابهة لتلك التي تُنتجها العقد اللمفاوية، مما يجعلها تشبه الأنسجة الطبيعية في المظهر. نتيجة لذلك، لا يتعرف عليها الجهاز المناعي كأجسام غريبة، فتنمو دون مقاومة.
كما تلجأ بعض الخلايا إلى الاحتماء داخل تجاويف في العظام أو الأنسجة، لتتجنب وصول أدوية العلاج الكيميائي إليها.
6. التكيف والمقاومة العلاجية
تتعرّض الخلايا السرطانية لتغيّرات مستمرة تمكّنها من مقاومة العلاج الإشعاعي (Radiotherapy) والعلاج الكيميائي (Chemotherapy). على سبيل المثال، تفقد الخلايا الظهارية السرطانية (Epithelial Cancer Cells) شكلها المنتظم وتتحول إلى خلايا شبيهة بالأنسجة الرخوة، وهي ظاهرة تعرف بـ التحول الظهاري إلى اللحمي (Epithelial-Mesenchymal Transition).
ويعزى ذلك إلى تعطل الجزيئات التنظيمية المسماة الميكرو RNA (microRNAs)، التي تتحكم في التعبير الجيني داخل الخلية.
7. تكون الأوعية الدموية الجديدة (Angiogenesis)
من العلامات المميزة للأورام الخبيثة زيادة تكوّن الأوعية الدموية الجديدة (Angiogenesis)، لتوفير الأوكسجين والمواد المغذية لنمو الورم. ترسل الخلايا السرطانية إشارات كيميائية تحفز الخلايا السليمة المحيطة على بناء شبكة أوعية جديدة تخدمها.
وقد أظهرت الأبحاث أن تثبيط هذه العملية يساهم في إيقاف نمو الورم أو الحد من انتشاره.
8. التطور الجيني داخل الورم
الخلايا السرطانية ليست متطابقة وراثيًا؛ فكل انقسام خلوي جديد قد يحدث طفرات إضافية تؤدي إلى تنوع جيني (Genetic Diversity) داخل الورم نفسه. هذا التنوع يعد أحد الأسباب الرئيسية لمقاومة السرطان للعلاج، إذ تتطور بعض الخلايا لتصبح أكثر عدوانية أو مقاومة للأدوية.
ويشبه العلماء هذا التطور بـ “شجرة وراثية” تتفرع منها سلالات خلوية مختلفة، تشترك جميعها في الطفرات الجذرية الأولى التي سبّبت نشوء الورم. لذا، توجه بعض الاستراتيجيات العلاجية الحديثة نحو استهداف الطفرات الجذرية الأساسية باعتبارها نقطة ضعف مشتركة لجميع خلايا الورم، رغم أن النتائج السريرية ما زالت محدودة.
أنواع السرطان الخطيرة
يوجد أكثر من 100 نوع مختلفٍ من السرطان، وغالبًا ما تسمى السرطانات تبعًا للعضو أو النسيج الذي تنشأ فيه الخلايا السرطانية. فعلى سبيل المثال، يبدأ سرطان الرئة في خلايا الرئتين، بينما ينشأ سرطان الدماغ في أنسجة المخ. كما يمكن تصنيف السرطانات وفق نوع الخلية التي تتكوّن منها، مثل الخلايا الظهارية (Epithelial Cells) أو الخلايا الحرشفية (Squamous Cells).
تعَد بعض أنواع السرطان أكثر شيوعًا وانتشارًا حول العالم، نظرًا لخطورتها وتأثيرها المباشر على وظائف الأعضاء الحيوية في الجسم. وفيما يلي نقدم نظرة عامة على أبرز أنواع السرطانات الخطيرة والشائعة التي تستدعي الوعي والكشف المبكر.
سرطان الثدي (Breast Cancer)

ينشأ سرطان الثدي في النسيج الغدي أو القنوات اللبنية داخل الثدي، ويعد من أكثر السرطانات انتشارًا بين النساء عالميًا. ترتبط مخاطره بعوامل وراثية (مثل طفرات الجينين BRCA1/BRCA2) وعوامل هرمونية وبيئية، كما أن الفحص الدوري بصور الثدي الشعاعية يزيد من فرص الاكتشاف المبكر.
المعالجة تعتمد على مزيجٍ من الجراحة، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الهرموني أو المستهدف اعتمادًا على النمط الجزيئي للورم. تحديد نوع الورم ومؤشرات التنبؤ الحيوية يسهمان في اختيار الخطة العلاجية وتحسين نتائج البقاء.
سرطان الرئة (Lung Cancer)

ينشأ سرطان الرئة غالبا من الخلايا الظهارية المبطنة للمجاري التنفسية، وينقسم تقنيا إلى سرطان رئوي ذو خلايا صغيرة وغير صغيرة (Small-cell و Non-small-cell). يعد التدخين العامل الأكثر ارتباطًا بخطر الإصابة، كما تلعب العوامل المهنية والتلوث دورًا مهمًا في مسببات المرض.
التشخيص المبكر عبر الفحوص التصويرية والاختبارات النسيجية يعزز فرص العلاج الجراحي أو العلاجات الموجهة والمناعية الحديثة. اعتماد الخطة العلاجية يرتكز على المرحلة النسيجية والورمية، ومعالجات المناعة أحدثت نقلة نوعية في بعض الحالات المتقدمة.
مقالة ذات صلة: سرطان الرئة (Lung Cancer): دليلك الشامل عن أعراضه وتشخيصه وطرق علاجه الحديثة.
سرطان القولون والمستقيم (Colorectal Cancer)
يتكوّن هذا النوع من بطانة القولون أو المستقيم، وغالبًا ما يبدأ بتكوّن زوائد لحمية (polyps) قابلة للتحوّل الخبيث مع الوقت. عوامل الخطر تشمل التاريخ العائلي، والنظام الغذائي عالي الدهون وقلة الألياف، والالتهابات المعوية المزمنة؛ لذا الفحص بالمناظير مهم للكشف والوقاية.
علاج السرطان القولوني يشمل استئصال الجزء المتأثر جراحيًا، وقد يتبع ذلك العلاج الكيميائي أو الإشعاعي حسب المرحلة والخصائص الورمية. برامج الكشف المبكر وتنظير القولون تقلّل بشدّة من الوفيات المرتبطة بهذا المرض عبر إزالة الزوائد قبل التحوّل.
سرطان البروستاتا (Prostate Cancer)
ينشأ سرطان البروستاتا في غدة البروستاتا عند الرجال، ويعدّ من أكثر الأورام شيوعًا في الفئات العمرية المتقدمة. غالبًا ما يكون بطيئ النمو في مراحله المبكرة، لكن بعض الأنماط قد تتسم بالعدائية وتتطلب تدخلاً علاجيًا فوريًا.
تتضمن إجراءات التقييم قياس مستضد البروستاتا النوعي (PSA) وخزعة البروستاتا وتصويرًا موضعيًا لتحديد مدى الانتشار. الخيارات العلاجية تتراوح بين المراقبة النشطة، والاستئصال الجراحي، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الهرموني بحسب درجة الخطورة.
مقالة ذات صلة: سرطان البروستاتا – كل ما تحتاج إلى معرفته حول هذا المرض الخطير وطرق العلاج.
سرطان الكلى (Kidney Cancer)
يشتمل سرطان الكلى غالبًا على سرطان الخلايا الكلوية (Renal Cell Carcinoma) الذي ينشأ من الأنابيب الصغيرة داخل الكلية. قد يظهر المرض بأعراض مثل ألم الخاصرة، أو وجود دم في البول، أو كتلة محسوسة، إلا أن العديد من الحالات تكتشف صدفة عبر التصوير.
العلاج المثالي في المراحل المحدودة هو الاستئصال الجراحي الجزئي أو الكلي للكلية، بينما تستخدم العلاجات المستهدفة والمناعية في المراحل المتقدمة. المتابعة الطبّية الدورية مهمة لتقييم الوظيفة الكلوية واكتشاف أي انتكاس مبكر.
سرطان المثانة (Bladder Cancer)
ينشأ سرطان المثانة غالبًا من الخلايا الطلائية المبطنة للمثانة، ويظهر عادة بعلامة نزف دموي في البول (Hematuria) كمؤشر شائع. عوامل الخطر تشمل التعرض للمواد الكيميائية الصناعية والتدخين، ويعتمد التشخيص على فحص البول وتنظير المثانة والخزعات.
تعتمد المعالجة على عمق اختراق الورم؛ فالأورام السطحية تعالج محليًا عبر التنظير والعلاج داخل المثانة، بينما تتطلب الأورام الغازية استئصال المثانة جزئيًا أو كليًا مع علاجات مساندة. مراقبة المريض طويلة الأمد ضرورية نظرًا للاحتمال العالي للعودة والنكس.
اللوكيميا (سرطان الدم ونخاع العظم) (Leukemia)
اللوكيميا مجموعة أمراض خبيثة تصيب خلايا الدم ونخاع العظم، وتنتج عنها تكاثر غير طبيعي لخلايا دم بيضاء غير وظيفية. تنقسم إلى أنواع حادة ومزمنة بحسب سرعة التطور والنمط الخلوي، وتؤدي عادةً إلى فقر دم، ونزف، والتهابات متكررة نتيجة ضعف التكوّن السليم للخلايا الدموية.
العلاج يشمل بروتوكولات كيميائية مكثفة، وقد يستلزم نقل أو زراعة نخاع العظم في بعض الأنواع؛ كما أن النهج العلاجي يتطور باستخدام المستحضرات الموجهة والعلاجات المناعية. تشخيص النوع الدقيق عبر الفحوص النسيجية والجينية ضروري لتحديد مخطط العلاج والتنبؤ بالنتائج.
سرطانات الغدد اللمفاوية (Lymphomas)
تنشأ اللمفوما من الخلايا اللمفاوية (B أو T) وتتمثل باضطراب في العقد اللمفاوية والأنسجة اللمفاوية، وتنقسم أساسًا إلى لمفوما هودجكين وغير هودجكين. تتفاوت الصورة الإكلينيكية من تضخم عقيدات لمفاوية موضعي إلى أعراض جهازية مثل الحمى وفقدان الوزن والتعرّق الليلي.
التشخيص يتطلب خزعة نسيجية وتقييمًا مرحليًا شاملًا، بينما يتضمن العلاج مزيجًا من الكيميائي والعلاج الإشعاعي وأحيانًا العلاجات الموجهة أو الخلوية. النتيجة العلاجية تتحسّن بشكل ملحوظ عند توفر تشخيص مبكّر وخطة علاجية متخصصة حسب نوع اللمفوما.
سرطانات العظام (Bone Sarcomas)
تنشأ الساركومات العظمية من النسيج العظمي أو الغضروفي أو الأنسجة الرخوة المرتبطة، وتضم أنواعًا مثل أوستيوساركوما وتشوندروساركوما. تظهر عادة بألم موضعي وتورم، وقد تترافق مع كسور مرضية في الحالات المتقدمة، وتشيع لدى فئات عمرية معيّنة حسب النوع.
تتطلب الإدارة علاجًا متعدد التخصصات يتضمن الاستئصال الجراحي الواسع، والتعويض الوظيفي، والعلاج الإشعاعي أو الكيميائي وفق حساسية النوع؛ وتتلخّص الأهداف في السيطرة على المرض والحفاظ على وظيفة الطرف. التشخيص الدقيق بالخزعة وتخطيط العلاج ضمن مراكز متخصصة يحسّنان النتائج السريرية على المدى الطويل.
سرطان الجلد (Skin Cancer)
سرطان الجلد من أكثر أنواع السرطان شيوعًا في العالم، وينشأ نتيجة النمو غير الطبيعي لخلايا الجلد، غالبًا بسبب التعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية (UV) الصادرة عن الشمس أو أجهزة التسمير. ينقسم هذا النوع إلى عدة أشكال رئيسية، أبرزها سرطان الخلايا القاعدية (Basal Cell Carcinoma) وسرطان الخلايا الحرشفية (Squamous Cell Carcinoma) والميلانوما (Melanoma)، وهو الشكل الأكثر خطورة نظرًا لقدرتها العالية على الانتشار.
تتجلى العلامات المبكرة عادةً في تغيّر شكل أو لون الشامات أو ظهور بقع جلدية جديدة غير منتظمة، لذلك يعدّ الفحص الذاتي المنتظم واستشارة طبيب الجلدية عند أي تغير خطوة أساسية للاكتشاف المبكر. يعتمد العلاج على نوع الورم وعمقه ويشمل الجراحة الاستئصالية أو العلاج بالتبريد أو الليزر، إضافة إلى العلاج المناعي والموجه في الحالات المتقدمة.
مقالة ذات صلة: سرطان الجلد .. احذر الإصابه بأخطر أنواع السرطان.
كيف يحدث السرطان في جسم الإنسان؟

السرطان مرضًا وراثيًا على مستوى الخلايا، أي أنه ينشأ نتيجة حدوث تغيرات أو طفرات في الجينات التي تتحكم في نمو الخلايا وانقسامها وموتها الطبيعي. تؤدي هذه التغيرات إلى فقدان الخلايا قدرتها على التنظيم الذاتي، فتبدأ بالانقسام بشكل غير طبيعي وغير محدود.
قد تكون هذه التغيرات الجينية موروثة من الوالدين، أو مكتسبة خلال حياة الإنسان نتيجة لعوامل خارجية مثل التعرض للمواد الكيميائية الضارة في التبغ، أو الأشعة فوق البنفسجية (UV) الصادرة عن الشمس، أو بعض الفيروسات، أو حتى نتيجة أخطاء عشوائية أثناء انقسام الخلايا.
لكل مريض سرطان تركيب جيني فريد من الطفرات، ومع تطور المرض تستمر الخلايا في اكتساب المزيد من التغيرات الجينية. بل إن الخلايا داخل الورم نفسه قد تختلف عن بعضها وراثيًا. وتظهر الخلايا السرطانية عادة عددًا كبيرًا من الطفرات في الحمض النووي (DNA) مقارنةً بالخلايا الطبيعية، بعضها يسبب السرطان وبعضها الآخر ينتج عنه أثناء تطور الورم.
كيف يتطور السرطان وينتشر؟
يبدأ تطور السرطان عندما تتعرض الخلايا السليمة لتغيرات جينية (طفرات) تؤدي إلى اضطراب في دورة حياتها الطبيعية. هذه الخلايا الطافرة تفقد قدرتها على التحكم في النمو والانقسام، فتبدأ بالتكاثر السريع لتكون كتلة من الخلايا الشاذة تعرف باسم الورم (Tumor). في بعض الحالات، يشكل الورم كتلة محددة في عضو معين، بينما في حالات أخرى مثل سرطان الدم (Leukemia)، تنتشر الخلايا غير الطبيعية في مجرى الدم دون تكوين كتلة صلبة.
قد تنفصل بعض الخلايا السرطانية عن الورم الأصلي وتنتقل عبر الدورة الدموية أو الجهاز اللمفاوي إلى مناطق أخرى من الجسم، حيث تترسخ وتنمو مكوّنة أورامًا ثانوية تعرف باسم النقائل (Metastases). وتعد هذه المرحلة من أخطر مراحل السرطان لأنها تعيق عمل الأعضاء الحيوية، مما قد يؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة المبكرة.
الفرق بين الخلايا السرطانية والخلايا السليمة
تختلف الخلايا السرطانية عن الخلايا السليمة في خصائصها ووظائفها الحيوية. فالخلايا الطبيعية تتطور لتؤدي أدوارًا محددة داخل أنسجة الجسم، بينما تفقد الخلايا السرطانية هذه القدرة على التخصص وتبقى في حالة انقسام دائم وغير منضبط. هذا الانقسام المستمر يؤدي إلى تكوين أورام خبيثة قادرة على غزو الأنسجة المجاورة.
كما تتجاهل الخلايا السرطانية الإشارات التي توقف انقسام الخلايا أو تفعل الموت الخلوي المبرمج (Apoptosis)، وهي آلية طبيعية يتخلص بها الجسم من الخلايا التالفة. إضافة إلى ذلك، تستطيع الخلايا الخبيثة تغيير البيئة المحيطة بالورم (Tumor Microenvironment)، حيث تؤثر على الخلايا السليمة والشعيرات الدموية لتوفير التغذية اللازمة لنموها. وتتمكن بعض هذه الخلايا من التحايل على الجهاز المناعي، فتخفي نفسها لتفادي التدمير من قِبله، بل وقد تستغلّه في تعزيز نمو الورم.
أبرز الاختلافات بين الخلايا السرطانية والخلايا الطبيعية
تتميز الخلايا السرطانية بمجموعة من الخصائص الفسيولوجية التي تميزها عن الخلايا الطبيعية، من أبرزها:
- استمرار الانقسام حتى في غياب إشارات النمو، بينما تحتاج الخلايا الطبيعية إلى محفزات محددة للانقسام.
- تجاهل الإشارات التي تمنع التكاثر أو تحفّز التوقف عن النمو.
- القدرة على الانتقال إلى أنسجة وأعضاء أخرى في الجسم، على عكس الخلايا الطبيعية التي تبقى في أماكنها.
- تحفيز تكوين أوعية دموية جديدة حول الورم لتوفير الأوكسجين والمغذيات (الأنجيوجينيسيس – Angiogenesis).
- الهروب من آليات المناعة التي تدمر الخلايا غير الطبيعية.
- حدوث تغيرات جينية وكروموسومية متكررة تجعلها أكثر مقاومة للعلاج.
استفاد العلماء من هذه الاختلافات لتطوير علاجات موجهة (Targeted Therapies) تستهدف خصائص الخلايا السرطانية دون الإضرار بالخلايا السليمة. ومن الأمثلة على ذلك، الأدوية التي تمنع تكوين الأوعية الدموية حول الأورام، مما يقطع عنها الإمداد بالغذاء ويؤدي إلى تراجع نموها.
أعراض السرطان

تختلف علامات وأعراض السرطان تبعًا لنوعه، وموقعه في الجسم، ومدى انتشاره. على سبيل المثال، قد يظهر سرطان الثدي على شكل كتلة محسوسة في الثدي أو إفرازات غير طبيعية من الحلمة، بينما قد يؤدي سرطان الرئة إلى السعال المزمن أو صعوبة التنفس. وفي بعض الحالات، لا تظهر أي أعراض في المراحل المبكرة من المرض، إذ يكتشف السرطان غالبًا بعد أن يتقدم الورم ويبدأ في التأثير على الأعضاء المحيطة.
من الأعراض العامة الشائعة التي قد تصاحب العديد من أنواع السرطان: الحمّى، والإرهاق الشديد، وفقدان الوزن غير المبرر. تحتاج الخلايا السرطانية إلى كميات كبيرة من الطاقة الحيوية للنمو والانقسام، ما يؤدي إلى استنزاف طاقة الجسم ويسبب الإعياء المستمر ونقص الوزن. كما تفرز بعض الأورام جزيئات تؤثر في كيفية استخدام الجسم للطاقة، مما يحدث اضطرابات في الأيض العام ووظائف المناعة.
يعد التعب المزمن أحد أبرز العلامات المرافقة للمرض الخبيث، وغالبًا لا يزول بالراحة أو النوم. كما قد تظهر اضطرابات في الشهية مثل فقدان الرغبة في تناول الطعام، أو صعوبة في البلع، أو آلام في المعدة، إلى جانب الغثيان والقيء. وقد يلاحظ المريض تورمًا أو كتلة في منطقة معينة من الجسم، إلا أن وجود الكتلة لا يعني بالضرورة الإصابة بالسرطان، بل يتطلب تقييمًا طبيًا دقيقًا.
تشمل الأعراض الشائعة الأخرى ما يلي:
- خدر أو ألم في أحد أطراف الجسم أو منطقة محددة منه.
- زيادة سماكة أو تصلب جزء من أنسجة الجسم.
- ألم مستمر أو متزايد دون سبب واضح.
- تغيرات جلدية مثل القروح التي لا تلتئم أو النزف المتكرر.
- ظهور شامة جديدة أو تغير شكل شامة موجودة.
- سعال مزمن أو بحة في الصوت لا تتحسن بمرور الوقت.
- كدمات أو نزيف غير مبرر.
- اضطرابات في الإخراج مثل الإمساك أو الإسهال المستمر.
- تغيّرات في لون أو شكل البراز، أو وجود دم فيه.
- ألم أثناء التبول أو وجود دم في البول.
- ارتفاع الحرارة لفترات طويلة أو التعرق الليلي المفرط.
- صداع متكرر أو غير اعتيادي لا يستجيب للمسكنات.
- ضعف أو اضطرابات في الرؤية أو السمع.
- قرح في الفم أو نزيف لثوي متكرر.
أسباب الإصابة بالسرطان

تحدث الإصابة بالسرطان عندما تتحول الخلايا السليمة في الجسم إلى خلايا غير طبيعية تفقد قدرتها على التحكم في النمو والانقسام. يمكن أن ينجم هذا التحول عن مجموعة واسعة من العوامل التي تؤدي إلى تشوهات جينية داخل الخلية. قد تكون بعض هذه الأسباب معروفة ومحددة، بينما تبقى أخرى غير مفهومة تمامًا حتى الآن. وتظهر الدراسات أن العوامل البيئية ونمط الحياة، إلى جانب القابلية الوراثية، تلعب دورًا رئيسيًا في نشوء المرض الخبيث.
في كثير من الحالات، لا يكون سبب السرطان واحدًا، بل هو تفاعل معقد بين عدة عوامل داخلية وخارجية. كما أن تأثير كل عامل يختلف من شخص لآخر بحسب الجينات والمناعة والبيئة المحيطة. وقد حددت الأبحاث الطبية عددًا من المسببات والعوامل المرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالسرطان، ومن أبرزها ما يلي:
1. التعرض للمواد الكيميائية والسموم
يعد التعرض المستمر لبعض المواد الكيميائية من أهم مسببات السرطان. وتشمل هذه المواد البنزين، والأسبستوس، والنيكل، والكادميوم، وكلوريد الفينيل، والبنزيدين، والأفلاتوكسين، إضافة إلى دخان السجائر الذي يحتوي على أكثر من 60 مادة مسرطنة معروفة. تؤثر هذه المركبات في بنية الحمض النووي داخل الخلية، مسببة طفرات قد تؤدي إلى تحولها إلى خلايا خبيثة.
2. الإشعاع المؤيّن
الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس، وأشعة ألفا وبيتا وجاما، والأشعة السينية من أبرز مصادر الإشعاع المؤين المسببة للسرطان. يؤدي التعرض المتكرر أو المفرط لهذه الأشعة إلى إتلاف الحمض النووي في الخلايا، ما يزيد احتمال تطورها إلى خلايا سرطانية. كما يعد غاز الرادون واليورانيوم من أخطر مصادر الإشعاع الطبيعية في البيئة.
3. العوامل المسببة للأمراض (الفيروسات والطفيليات)
ترتبط بعض أنواع العدوى الفيروسية والبكتيرية بظهور سرطانات محددة. ومن أبرزها:
- فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) الذي يسبب سرطان عنق الرحم،
- فيروس إبشتاين–بار (EBV) المرتبط بسرطان الغدد اللمفاوية،
- فيروسات التهاب الكبد B وC المسببة لسرطان الكبد،
- إضافة إلى بكتيريا هيليكوباكتر بيلوري (H. pylori) المرتبطة بسرطان المعدة، وطفيليات البلهارسيا التي قد تؤدي إلى سرطان المثانة.
4. العوامل الوراثية والجينية
تلعب الطفرات الجينية الموروثة دورًا مهمًا في بعض أنواع السرطان، مثل سرطان الثدي والمبيض والقولون والمستقيم والبروستاتا والجلد. إذ يمكن أن تنتقل بعض الجينات المعيبة من جيل إلى آخر، ما يزيد احتمالية الإصابة بالمرض، خاصة في حال وجود تاريخ عائلي. إلا أن وجود الطفرة لا يعني بالضرورة تطور السرطان، إذ يعتمد ذلك على تفاعل الجينات مع العوامل البيئية وأسلوب الحياة.
5. نمط الحياة والعوامل السلوكية
تؤكد الدراسات أن التغذية غير المتوازنة، والسمنة، وقلة النشاط البدني، والتدخين، وتناول الكحول تعد من أهم عوامل الخطر القابلة للتعديل. كما أن الالتهابات المزمنة والاضطرابات الهرمونية يمكن أن تهيئ بيئة مناسبة لنمو الخلايا غير الطبيعية. احتمالية الإصابة به، مما يعقد فهم المرض ويجعل من الصعب الوصول إلى حل نهائي.
أنواع تشخيص السرطان

إن التشخيص الدقيق لمرض السرطان خطوة محورية في تحديد نوع الورم ومرحلته واختيار خطة العلاج المناسبة. يبدأ التشخيص عادة من ملاحظة الأعراض والعلامات السريرية التي قد تشير إلى وجود خلل في نشاط الخلايا أو تكون أورام غير طبيعية. في حال ظهور أي من هذه الأعراض، يوصى بمراجعة الطبيب المختص لإجراء التقييم الأولي وتحديد الفحوص اللازمة.
يستخدم الأطباء مجموعة من الاختبارات السريرية والمخبرية والتصويرية لتأكيد وجود الورم، وتحديد طبيعته (حميد أو خبيث)، ومدى انتشاره في الجسم. وتشمل أهم هذه الطرق ما يلي:
1. الخزعة (Biopsy)
الخزعة (Biopsy) من أدق وسائل تشخيص السرطان وأكثرها موثوقية. وهي إجراء طبي يتضمن أخذ عينة صغيرة من النسيج المشتبه في إصابته بالورم، وفحصها تحت المجهر من قِبل اختصاصي علم الأمراض.
يمكن الحصول على العينة من أي عضو في الجسم تقريبًا، مثل الجلد، الكبد، الكلى، الرئة أو المعدة. يسمح فحص الخزعة بتحديد نوع الخلايا، ودرجتها، ومدى خباثتها، ما يساعد في تأكيد التشخيص ووضع خطة علاج دقيقة.
2. اختبار تعداد الدم الكامل (Complete Blood Count – CBC)
يقيس هذا الاختبار عدد خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، ويُستخدم كأداة تشخيصية مساعدة في الكشف عن سرطانات الدم ونخاع العظم مثل اللوكيميا.
يساعد فحص CBC أيضًا في تقييم حالة المرضى الذين يعانون من فقر الدم، أو الإرهاق، أو الكدمات غير المبررة، كما يُستخدم لمتابعة المرضى أثناء العلاج الكيميائي أو الإشعاعي لمراقبة تأثير العلاج على نخاع العظم.
3. الاختبار الجيني (Genetic Testing)
يجرى هذا الاختبار لتحليل الحمض النووي (DNA) واكتشاف الطفرات الجينية المسببة للسرطان أو المرتبطة بزيادة خطر الإصابة به.
يستخدم الاختبار الجيني بشكل خاص لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالسرطان، مثل سرطان الثدي أو المبيض، للكشف المبكر وتحديد الاستعداد الوراثي للمرض.
4. تحليل الكروموسومات (Chromosome Analysis)
يهدف هذا التحليل إلى تقييم التغيرات الصبغية أو الانحرافات الكروموسومية التي قد تكون سببًا في بعض أنواع السرطان أو الاضطرابات الدموية.
يتم اللجوء إلى النمط النووي (Karyotyping) بشكل شائع في تشخيص سرطانات الدم، مثل اللوكيميا واللمفوما، لتحديد نوع الخلل الجيني وتوجيه العلاج الدوائي المستهدف.
5. تحليل السائل النخاعي (Cerebrospinal Fluid Analysis – CSF)
يجرى هذا الفحص عبر سحب كمية صغيرة من السائل النخاعي المحيط بالدماغ والحبل الشوكي، لتحليل مكوناته الكيميائية والبيولوجية.
يساعد هذا التحليل في الكشف عن انتشار الخلايا السرطانية إلى الجهاز العصبي المركزي، كما يستخدم لتشخيص الالتهابات أو الأورام المرتبطة بالدماغ والنخاع الشوكي.
6. علامات الأورام (Tumor Markers)
علامات الورم هي مواد بيولوجية (غالبًا بروتينات) تفرزها الخلايا السرطانية أو الخلايا السليمة استجابة لنمو الورم. يمكن اكتشافها في الدم أو البول أو سوائل الجسم الأخرى. تستخدم هذه العلامات لتقييم شدة الورم، ومتابعة الاستجابة للعلاج، والتنبؤ بعودة المرض. ومن أمثلتها:
- CEA (Carcinoembryonic Antigen) في سرطان القولون والمستقيم.
- CA-125 في سرطان المبيض.
- PSA (Prostate Specific Antigen) في سرطان البروستاتا.
لكل علامة استخدام سريري محدد، ولا يمكن الاعتماد عليها وحدها في التشخيص، بل تستخدم ضمن مزيج من الاختبارات السريرية والمخبرية.
7. البزل القطني (Lumbar Puncture)
يعرف أيضًا باسم “سحب السائل النخاعي”، ويستخدم لتشخيص العدوى أو الأورام داخل الجهاز العصبي المركزي، مثل أورام الدماغ أو التهابات السحايا.
يسمح هذا الإجراء بتحليل السائل المحيط بالدماغ بحثًا عن وجود خلايا غير طبيعية أو مواد كيميائية غير مألوفة قد تدل على انتشار السرطان.
8. اختبارات الدم والبول
تساعد التحاليل المخبرية العامة في تقييم وظائف الأعضاء الحيوية كالكبد والكلى، وقياس مؤشرات الالتهاب أو الإنزيمات التي قد تتأثر في حالات الأورام الخبيثة. كما يمكن لبعض اختبارات البول وسوائل الجسم الأخرى أن تكشف عن مواد ناتجة عن عملية الأيض السرطاني، ما يوفر مؤشرات مبكرة على وجود الورم.
9. تقنيات التصوير الطبي
تستخدم تقنيات التصوير لتحديد موقع الورم وحجمه وانتشاره بدقة. وتشمل أبرز الوسائل:
- التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan): يتيح رؤية مفصلة للأعضاء والأنسجة من زوايا متعددة باستخدام الأشعة السينية.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يستخدم للكشف عن الأورام في الدماغ، النخاع الشوكي، والأنسجة الرخوة بدقة عالية دون تعريض المريض للإشعاع.
- التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET Scan): يوضح النشاط الأيضي للخلايا، ما يساعد في تمييز الأورام النشطة من الخاملة.
- الأشعة السينية والموجات فوق الصوتية (X-Ray & Ultrasound): تستخدم للكشف الأولي عن التكتلات أو التغيرات غير الطبيعية في الأنسجة.
- فحص العظام (Bone Scan): يستخدم لتحديد انتشار الورم إلى العظام في الحالات المتقدمة.
يعتمد تشخيص السرطان على دمج البيانات السريرية والمخبرية والجزيئية مع نتائج التصوير الطبي للوصول إلى تشخيص دقيق وشامل. كل اختبار من هذه الاختبارات يقدّم قطعة من الصورة الكاملة التي تمكّن الطبيب من تحديد نوع الورم ومرحلته ووضع خطة علاج شخصية لكل مريض.ي.
طرق علاج السرطان

تختلف استراتيجيات علاج السرطان باختلاف نوع الورم ومرحلته ومدى انتشاره وحالة المريض الصحية العامة. يهدف العلاج في الأساس إلى تدمير أكبر عدد ممكن من الخلايا السرطانية مع الحفاظ على الخلايا السليمة وتقليل الآثار الجانبية قدر الإمكان.
بفضل التطورات الحديثة في مجالات الطب الجزيئي، والعلاج المناعي، والتقنيات الجراحية المتقدمة، أصبح بالإمكان اليوم تحقيق معدلات شفاء أعلى وتحسين نوعية الحياة لدى المرضى بشكل ملحوظ.
يصنَف علاج السرطان عادة إلى ثلاث فئات رئيسية: العلاج الأولي، والعلاج المتخصص، والعلاج التكميلي.
1. العلاجات الأولية (Primary Treatments)
يقصد بالعلاج الأولي الإجراءات التي تهدف إلى إزالة الورم السرطاني أو القضاء عليه نهائيًا. وغالبًا ما تكون الجراحة الخيار الأساسي، إذ يتم فيها استئصال الورم من المنطقة المصابة بالكامل مع جزء من الأنسجة السليمة المحيطة لضمان إزالة جميع الخلايا الخبيثة.
في بعض الحالات، قد لا تكون الجراحة ممكنة بسبب موقع الورم أو طبيعته، وهنا تُستخدم العلاجات الكيميائية أو الإشعاعية كخيارات أولية بديلة.
- العلاج الإشعاعي (Radiotherapy): يعتمد على توجيه جرعات دقيقة من الأشعة المؤيّنة لتدمير الخلايا السرطانية أو تقليص حجم الورم قبل الجراحة.
- العلاج الكيميائي (Chemotherapy): يستخدم أدوية قوية لتثبيط انقسام الخلايا أو تدميرها تمامًا، وغالبًا ما يعطى على شكل دورات علاجية متتابعة.
2. العلاجات المتخصصة (Specialized Treatments)
تمثل العلاجات المتخصصة الجيل الحديث من الأساليب العلاجية، وتركز على استهداف الخصائص الجزيئية أو البيولوجية الخاصة بالخلايا السرطانية. وتشمل هذه الأنواع ما يلي:
- العلاج الهرموني (Hormonal Therapy): يستخدم في السرطانات الحساسة للهرمونات مثل سرطان الثدي والبروستاتا. يعمل هذا العلاج على تقليل أو تثبيط تأثير الهرمونات التي تحفز نمو الخلايا السرطانية.
- العلاج الموجّه (Targeted Therapy): يعتمد على أدوية مصممة خصيصًا لاستهداف جزيئات معينة (مثل البروتينات أو الجينات) المسؤولة عن نمو الورم وتكاثره. يتميز العلاج الموجه بدقته العالية وآثاره الجانبية الأقل مقارنة بالعلاج الكيميائي التقليدي.
- العلاج المناعي (Immunotherapy): يهدف إلى تحفيز الجهاز المناعي لمهاجمة الخلايا السرطانية والتعرف عليها كخلايا غريبة. يشمل هذا النوع من العلاج مثبطات نقاط التفتيش المناعية (Checkpoint Inhibitors) والعلاجات الخلوية الحديثة مثل CAR-T Cell Therapy.
3. العلاجات التكميلية (Complementary Treatments)
تستخدم العلاجات التكميلية إلى جانب العلاجات الأساسية لتخفيف الأعراض الجانبية وتحسين الحالة النفسية والجسدية للمريض.
تشمل هذه العلاجات:
- العلاج الطبيعي (Physiotherapy): يساعد في استعادة الحركة والقدرة العضلية بعد العمليات الجراحية أو جلسات العلاج.
- العلاج النفسي والدعم السلوكي: يهدف إلى تقليل القلق والاكتئاب وتحسين التكيّف مع مسار المرض.
- العلاج بالإبر الصينية أو الوخز بالإبر (Acupuncture): قد يساعد في تخفيف الألم والغثيان المرتبطين بالعلاج الكيميائي.
- العلاجات العشبية والمكملات الغذائية: يمكن استخدامها فقط تحت إشراف الطبيب لتجنب أي تفاعلات دوائية ضارة.
هذه العلاجات لا تعد بديلًا للعلاج الطبي الموصوف، لكنها تساهم في تعزيز الاستجابة العامة للعلاج وتحسين جودة الحياة خلال فترة التعافي.
ملحوظة: يعد اختيار خطة العلاج قرارًا فرديًا للطبيب يعتمد على التشخيص الدقيق، ونوع الورم، ومرحلة المرض، واستجابة المريض. وغالبًا ما يتم تطبيق نهج علاجي متكامل يجمع بين أكثر من نوع من العلاجات لتحقيق أفضل النتائج الممكنة. إن الطب الحديث يسير نحو العلاجات الشخصية (Personalized Medicine)، التي تراعي الخصائص الجينية والفسيولوجية لكل مريض، مما يعزز فرص الشفاء ويقلل المضاعفات.
أهم مضاعفات السرطان
تختلف مضاعفات السرطان باختلاف نوع الورم ومرحلته ومدى انتشاره وحالة المريض العامة. وقد تكون هذه المضاعفات ناتجة عن تطور المرض نفسه أو عن تأثيره على الأعضاء الحيوية أو عن التغيرات الأيضية التي يُحدثها في الجسم. يوضح الجدول التالي أبرز هذه المضاعفات وتأثيراتها على صحة المريض:
| نوع المضاعفة | الوصف الطبي | التأثير على المريض | الملاحظات السريرية |
|---|---|---|---|
| سوء التغذية | يحدث نتيجة فقدان الشهية أو زيادة احتياجات الجسم للطاقة بسبب نمو الخلايا السرطانية. | ضعف عام، فقدان الوزن، وتأخر الشفاء. | شائع في المراحل المتقدمة ومع السرطانات الهضمية. |
| ضعف الجهاز المناعي | ينتج عن تأثير السرطان أو العلاجات مثل الكيميائي والإشعاعي على نخاع العظم. | زيادة خطر العدوى الفيروسية والبكتيرية والفطرية. | يتطلب مراقبة طبية دقيقة ودعم مناعي. |
| مشاكل معرفية | اضطرابات في التركيز والذاكرة بسبب انتشار الورم للدماغ أو تأثير الأدوية. | ضعف الإدراك وتشوش ذهني وصعوبة في التذكر. | يُعرف أحيانًا باسم "ضباب الدماغ السرطاني". |
| نقص الأكسجين | ينتج عن فقر الدم أو إصابة الرئتين بالورم أو النقائل. | ضيق في التنفس، تعب سريع، وشحوب. | يتطلب علاجًا داعمًا وتحسين التهوية. |
| العدوى | تنتشر بسهولة لدى المرضى ضعيفي المناعة بسبب ضعف الدفاعات الطبيعية. | التهابات متكررة في الجلد أو الرئة أو المسالك البولية. | قد تكون مهددة للحياة في الحالات الشديدة. |
| تلف الكبد | يحدث نتيجة انتشار النقائل أو تأثير الأدوية السامة للكبد. | اصفرار العينين، بول داكن، وتورم البطن. | علامة على تقدم الحالة وتدهور الوظيفة الكبدية. |
| زيادة الكالسيوم في الدم | تحدث بسبب إفراز بعض الأورام لهرمونات تؤثر في العظام. | عطش شديد، غثيان، إمساك، واضطراب ذهني. | مضاعفة خطيرة تتطلب تدخلاً عاجلاً. |
| الأعراض العصبية | ناتجة عن انتشار الورم للجهاز العصبي أو الضغط على الأعصاب. | صداع، فقدان التوازن، ونوبات تشنجية. | تتطلب تقييمًا عصبيًا وتصويرًا دقيقًا. |
| فقر الدم وانخفاض الصفائح | يحدث نتيجة تدمير خلايا الدم أو نقص إنتاجها في نخاع العظم. | شحوب، نزيف، كدمات، تعب مزمن. | غالبًا ما يظهر أثناء أو بعد العلاج الكيميائي. |
| الاكتئاب والاضطرابات النفسية | استجابة نفسية للمرض المزمن أو نتيجة التغيرات الهرمونية. | فقدان الدافع، قلق، نوبات حزن شديدة. | يُوصى بالدعم النفسي والعلاج السلوكي. |
أهمية المتابعة الطبية المبكرة لتقليل مضاعفات السرطان وتحسين جودة الحياة
المتابعة الطبية المنتظمة من العوامل الحاسمة في السيطرة على تطور مضاعفات السرطان والحد من آثارها الجانبية على المريض. إذ تتيح المراقبة الدورية اكتشاف التغيرات السريرية أو الكيميائية في وقت مبكر، مما يسمح بتدخل علاجي فوري قبل تفاقم الحالة. كما تسهم المتابعة الدقيقة في تعديل الخطط العلاجية وفقًا لاستجابة المريض، وتحسين كفاءة الأدوية المستخدمة، وتقليل مخاطر العدوى أو فشل الأعضاء الحيوية.
وتساعد هذه الإجراءات الوقائية في رفع جودة حياة المرضى من خلال السيطرة على الألم، ودعم الحالة التغذوية والنفسية، وتقليل نسب الانتكاس. كما تعد المتابعة المستمرة وسيلة فعالة لتقييم الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي، وضمان التوازن بين فعالية العلاج وسلامة المريض. لذلك، توصي الإرشادات الطبية العالمية بجدولة زيارات متابعة منتظمة بعد التشخيص وأثناء العلاج وبعد التعافي لضمان أفضل النتائج الصحية على المدى الطويل.
كيفية اتباع نظام غذائي مفيد أثناء مراحل علاج السرطان
تلعب التغذية السليمة دورًا جوهريًا في دعم مرضى السرطان خلال مراحل العلاج المختلفة، إذ تسهم في تعزيز قدرة الجسم على مقاومة المرض وتحسين فعالية العلاجات الطبية مثل العلاج الكيميائي أو الإشعاعي. كما تساعد الأنظمة الغذائية الغنية بمضادات الأكسدة والمركبات النباتية النشطة على تقليل نمو الخلايا السرطانية والحد من الالتهابات وتعزيز المناعة.
من المهم إدراك أن الاحتياجات الغذائية تختلف من مريض لآخر تبعًا لنوع السرطان ومرحلته وطبيعة العلاج المتبع، لذلك يجب تصميم النظام الغذائي تحت إشراف اختصاصي تغذية علاجية لتلبية احتياجات المريض الفردية وتحسين جودة حياته أثناء العلاج.
الأطعمة المفيدة لمرضى السرطان
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن تناول مجموعة متنوعة من الخضروات والفواكه والبقوليات والحبوب الكاملة يمكن أن يساهم في الوقاية من تكاثر الخلايا السرطانية ويعزز من استجابة الجسم للعلاج.
فيما يلي أبرز جدول بالمجموعات الغذائية المفيدة:
1. الخضروات والفواكه الملونة
تحتوي الفواكه والخضروات ذات الألوان الزاهية – مثل البروكلي، السبانخ، الجزر، الفلفل الأحمر، والتوت – على كميات عالية من مضادات الأكسدة والكاروتينات وحمض الفوليك. تسهم هذه العناصر في الوقاية من أنواع متعددة من السرطان مثل القولون، المريء، الكلى، الفم، الرئة، والجلد.
2. الأطعمة الغنية بحمض الفوليك
حمض الفوليك (فيتامين B9) عنصرًا أساسيًا في انقسام الخلايا وتجديدها، وقد أظهرت الدراسات أن الحصول على كميات كافية منه يساعد في الوقاية من سرطان القولون والثدي والمستقيم.
تشمل مصادره الطبيعية:
- البقوليات (كالعدس والفاصوليا)
- البيض
- الخضروات الورقية مثل السبانخ والخس
- الحبوب الكاملة
- عصير البرتقال والبطيخ والفراولة
- بذور عباد الشمس
نصيحة: إدراج هذه الأطعمة في النظام الغذائي يُغني الجسم عن الحاجة لمكملات الفوليك.
3. الطماطم ومشتقاتها
الطماطم مصدر غني بمركب الليكوبين، وهو أحد مضادات الأكسدة التي تقي من سرطان البروستاتا والمعدة.
تظهر الدراسات أن الطماطم المطبوخة أو معجون الطماطم يحتويان على كميات أكبر من الليكوبين مقارنة بالطماطم النيئة، ما يجعلها أكثر فاعلية في الوقاية.
4. الشاي الأخضر
يعتبر الشاي الأخضر من المشروبات الغنية بمركبات البوليفينولات التي تبطئ نمو الخلايا السرطانية، خاصة في سرطان البروستاتا والقولون والكبد والثدي. كما يوصى بتناوله بانتظام لدعم مقاومة الجسم ضد سرطان المثانة والبنكرياس.
5. العنب وعصير العنب الطبيعي
يحتوي العنب – خصوصًا الأحمر والأسود – على مادة الريسفيراترول، وهي مركب مضاد للأكسدة والالتهابات يساعد في تقليل نمو الخلايا السرطانية ويحمي الأنسجة من التلف الخلوي.
6. الماء والسوائل
الحفاظ على ترطيب الجسم أمر ضروري، إذ يساهم شرب الماء في تخفيف تركيز المواد المسرطنة داخل الجسم، خاصة تلك التي تؤثر على المثانة والجهاز البولي.
7. البقوليات والمكسرات
تحتوي البقوليات (كالعدس وفول الصويا والفاصوليا) والمكسرات على مركبات نباتية واقية تقلل من تلف الخلايا وتمنع نمو الأورام. كما تزود الجسم بالبروتين والألياف الضروريين لدعم المناعة.
8. الكرنب والبروكلي
تتميز هذه الخضروات بانتمائها إلى العائلة الصليبية، وهي غنية بمركبات الإندول والسلفورافين التي تدعم الجسم في مقاومة أنواع متعددة من السرطان، منها الثدي والقولون وعنق الرحم.
9. الكركمين (الكركم)
الكركمين هو المكوّن النشط في الكركم، ويمتلك خصائص قوية مضادة للالتهاب والأكسدة. تشير الدراسات إلى أنه قد يحد من نمو الخلايا السرطانية ويعزز فعالية العلاجات التقليدية.
10. الفراولة والتوت الأزرق
هذه الفواكه غنية بمضادات الأكسدة التي تعمل على تحييد الجذور الحرة ومنع تلف الحمض النووي داخل الخلايا، مما يقلل من احتمالية التحول السرطاني.
الأطعمة التي يجب تجنبها أثناء علاج السرطان
ينصح الأطباء بتقليل أو تجنب تناول بعض الأطعمة التي قد تزيد من خطر الإصابة بالسرطان أو تعيق التعافي أثناء العلاج، مثل:
- اللحوم المصنعة (النقانق، السجق، اللحم المقدد)
- الأطعمة المقلية أو المدخنة
- المشروبات الكحولية
- الأطعمة الغنية بالسكر والدهون المشبعة
تؤدي هذه الأطعمة إلى زيادة الالتهابات وإفراز مركبات مسرطنة داخل الجسم، كما تضعف المناعة وتؤثر سلبًا على فعالية العلاج.
أهمية المتابعة الغذائية أثناء العلاج
إن المتابعة المستمرة مع اختصاصي تغذية علاجية جزءًا أساسيًا من خطة علاج السرطان، إذ تساعد على:
- تحسين جودة الحياة خلال رحلة العلاج.
- الحفاظ على الوزن الصحي وتجنب سوء التغذية.
- تعزيز استجابة الجسم للعلاج.
- تقليل المضاعفات الجانبية مثل الغثيان وفقدان الشهية.
ما هو مستقبل علاج السرطان في ظل التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي؟
يشهد الطب في العصر الحديث تحولًا جذريًا في طرق تشخيص وعلاج السرطان بفضل التطورات الهائلة في التقنيات الحيوية والذكاء الاصطناعي. أصبح الأطباء اليوم أكثر قدرة على تحليل البيانات الوراثية والبيئية للمريض، مما يتيح تصميم خطط علاجية دقيقة ومخصصة تتناسب مع طبيعة الورم وخصائصه الجينية. يعتمد هذا النهج على ما يعرف بـ”الطب الدقيق” أو العلاج الشخصي، الذي يهدف إلى استهداف الخلايا السرطانية دون الإضرار بالخلايا السليمة، وهو ما يمثل نقلة نوعية في تقليل الآثار الجانبية وتحسين نسب الشفاء.
في ظل هذه التطورات، تتجه الأبحاث نحو تطوير علاجات موجهة ومناعية أكثر فاعلية، تهاجم الخلايا السرطانية على المستوى الجزيئي وتمنعها من الانقسام أو الانتشار. كما أسهمت تقنيات التسلسل الجيني وتحليل الخريطة الوراثية في فهم الأسباب الدقيقة لظهور السرطان، مما يتيح الكشف المبكر عنه وتحديد استجابته للعلاج قبل البدء فيه. هذا التقدم جعل من الممكن تصميم أدوية بيولوجية حديثة تستهدف البروتينات أو الطفرات المسؤولة عن تطور الورم بدقة عالية.
إضافة إلى ذلك، يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا متناميًا في تحليل صور الأشعة، وقراءة الفحوص المخبرية، والتنبؤ بسلوك الخلايا السرطانية. تُستخدم الخوارزميات المتقدمة في رصد أنماط دقيقة لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة، مما يساهم في التشخيص المبكر وزيادة دقة اتخاذ القرار الطبي. كما يُتوقع أن تتيح هذه التقنيات مستقبلًا بناء أنظمة دعم سريري قادرة على اقتراح العلاج الأمثل لكل مريض استنادًا إلى تاريخه الصحي والجيني.
من جهة أخرى، تسعى المراكز البحثية وشركات الأدوية إلى دمج الذكاء الاصطناعي والتقنيات الجينومية لإنتاج لقاحات وعلاجات وقائية قد تمنع تطور السرطان من الأساس. ورغم أن الطريق ما يزال طويلًا نحو علاج نهائي وشامل، فإن المؤشرات العلمية تؤكد أن المستقبل يحمل آفاقًا واعدة لعلاج أدق، وأقل ضررًا، وأكثر توافقا مع خصوصية كل مريض، ما يفتح الباب أمام حقبة جديدة من الطب الشخصي في مواجهة السرطان.
الأسئلة الشائعة
ما هي الأعراض الرئيسية التي يجب أن أكون على دراية بها للاشتباه في وجود السرطان؟
الأعراض الشائعة للسرطان تشمل التغيرات الغير طبيعية في الجسم مثل تورم غير مبرر، نزيف غير عادي، فقدان الوزن غير المفسر، آلام مستمرة، وتغير في الوظائف الجسدية. إذا كنت تلاحظ أي من هذه الأعراض، يجب استشارة الطبيب للتقييم اللازم.
ما هي الطرق المختلفة المستخدمة لتشخيص السرطان وكيف يتم تحديد نوع السرطان المحتمل؟
تشمل طرق تشخيص السرطان التصوير بالأشعة، التصوير بالرنين المغناطيسي، التصوير بالتصوير المقطعي المحوسب، وفحوصات الدم المختبرية. يتم تحديد نوع السرطان المحتمل من خلال تحليل العينة المأخوذة من الورم (البيوبسي) وفحصها تحت المجهر.
ما هي أحدث التطورات في علاج السرطان وما هي الخيارات المتاحة للمرضى؟
تشمل أحدث التطورات في علاج السرطان العلاج الإشعاعي المستهدف، العلاج الكيميائي الموجه، العلاج الهرموني، العلاج المناعي، والعلاج الجزيئي المستهدف. يتم تحديد العلاج الأمثل وفقًا لنوع السرطان ومرحلته، ويتم تضمين الجراحة والعلاج الشعاعي كخيارات إضافية.
هل يمكنني اتباع نمط حياة معين للوقاية من السرطان؟
نعم، يمكن اتباع نمط حياة صحي يساهم في الوقاية من السرطان. من بين الإجراءات المهمة: الحفاظ على وزن صحي، ممارسة النشاط البدني بانتظام، تناول نظام غذائي صحي غني بالفواكه والخضروات والألياف، تجنب التدخين واستهلاك الكحول بكميات معتدلة، والحماية من أشعة الشمس الضارة.
كيف يمكنني دعم شخصًا مقربًا مصابًا بالسرطان ومساعدته في مرحلة العلاج؟
يمكنك دعم شخصًا مقربًا مصابًا بالسرطان عن طريق تقديم الدعم العاطفي والمعنوي، الاستماع لمشاكله ومخاوفه، توفير المعلومات الموثوقة والتشجيع على الالتزام بالعلاج، وتقديم المساعدة العملية مثل المرافقة للزيارات الطبية. يكون الدعم العاطفي والتفهم الحقيقي لهما أمرًا مهمًا في مساعدتهم على التعامل مع تحديات السرطان.
هل العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي ضار لمن حول المريض؟
لا؛ لا ينبعث أي إشعاع خطير من جسم المريض لإيذاء الأشخاص المحيطين به.
خاتمة
السرطان مرضًا معقدًا ومتعدد الأوجه، تختلف أنواعه وأعراضه وأساليب تشخيصه وعلاجه من حالة إلى أخرى. وتتداخل في نشأته عوامل وراثية وبيئية وسلوكية، مما يجعل من الصعب تحديد سبب واحد مباشر للإصابة. لذا، فإن الوعي بعوامل الخطر واتباع نمط حياة صحي إلى جانب إجراء الفحوصات الطبية الدورية يعد من أفضل السبل للوقاية والكشف المبكر، مما يزيد فرص العلاج الناجح ويحسن جودة الحياة.
نشير إلى أن المعلومات الواردة في هذا المقال تهدف إلى التثقيف والتوعية الصحية العامة، ولا تعد بديلًا عن الاستشارة الطبية المتخصصة. لذلك، ننصح القرّاء دائمًا بمراجعة أطبائهم أو المختصين في حال وجود أي أعراض أو تساؤلات طبية تتعلق بحالتهم.
تكتب مقالاتنا الطبية بعناية بالغة، استنادًا إلى مصادر علمية موثوقة وأحدث الدراسات والإرشادات الطبية الدولية، ومع ذلك فإن استخدام هذه المعلومات دون إشراف طبي يقع تحت مسؤولية القارئ وحده.
نأمل أن يكون هذا المقال قد قدم فائدة واضحة ومعلومات موثوقة تساعد في تعزيز الوعي الصحي، وإن كانت لديكم أي استفسارات إضافية أو تحتاجون إلى معلومات مخصصة، يسعدنا تواصلكم للحصول على المشورة الأنسب لحالتكم.
تم التأكد من المعلومات داخل المقال من فريق أطباء صحة لاند
محتوى هذه المقالة هو فقط لزيادة وعيك. قبل اتخاذ أي إجراء، استشر طبيبك لتلقي العلاج.



