يعدُّ ارتفاع ضغط الدم من أخطر الأمراض لدرجة أن الأطباء يطلقون عليه القاتل الصامت، وذلك لأن له العديد من المضاعفات الخطيرة مثل السكتة الدماغية والفشل القلبي والفشلي الكلوي؛ ولذلك فإن علاج إرتفاع ضغط الدم يعدُّ أمرًا بالغ الأهمية وذلك لحماية القلب والمخ وجميع الأعضاء من آثار ارتفاع ضغط الدم ومضاعفاته. وفيما يلي سوف نتعرف بالتفصيل على أهم مخاطر ومُضاعفات وكذلك العلاج.
متى يكون ضغط الدم مُرتفعًا؟ | مراحل ارتفاع ضغط الدم
قبل التطرق لعلاج إرتفاع ضغط الدم لا بدَّ لك عزيزي القارئ أن تعرف متى يكون الضغط مرتفعًا، لأن اختيار العلاج يعتمد بشكل أساسي على درجة ارتفاع ضغط الدم، وتكون القياسات كما يلي:
- ضغط الدم الطبيعي أقل من 120/80.
- مرحلة ما قبل ارتفاع ضغط الدم وتتراوح بين 120/80 وحتى 129/80، وفي هذه المرحلة يميل الفرد للإصابة بالمرض إذا لم يتم اتخاذ خطوات مناسبة لتقليل الضغط في الأوعية الدموية.
- المرحلة الأولى من ارتفاع ضغط الدم ويتراوح فيها الضغط الانقباضي بين 130 حتى 139، وضغط الدم الانبساطي بين 80 حتى 89.
- المرحلة الثانية من ارتفاع ضغط الدم ويكون فيها الضغط الانقباضي يساوي 140 أو أكثر، وضغط الدم الانبساطي 90 أو أكثر.
- أزمة ارتفاع ضغط الدم، ويكون فيها الضغط 180/120 أو أكثر، وهي حالة طارئة لا بدَّ فيها من سرعة الانتقال للمشفى، لتلقي العلاج المناسب تحت إشراف طبي.
وبذلك نجد أن مراحل ارتفاع ضغط الدم متباينة وبالتالي فإن العلاج سوف يتحدد تبعًا لدرجة المرض، وكذلك يتحدد تبعًا لكل فرد من حيث السن أو الإصابة بأمراض مزمنة أخرى وغيرها من العوامل، وفيما يلي سوف نتعرف على أهم طرق العلاج بالتفصيل.
علاج إرتفاع ضغط الدم
قد يظن الفرد أن العلاج يعني علاجًا دوائيًا فحسب، ولكن في الحقيقة إن العلاج يشمل أشياء أخرى غير ذلك، فمثلًا يجب تغيير نمط حياة مريض الضغط بالإضافة للعلاج الدوائي إن استلزم الأمر، ولا بدَّ أن يتم العلاج تحت إشراف الطبيب، وأبرز خُطط العلاج كما يلي:
تغيير نمط الحياة ونصائح منزلية لـ علاج إرتفاع ضغط الدم
لا بدَّ أن نعرف أن من أهم خطوات علاج إرتفاع ضغط الدم هو تغيير نمط الحياة، إذ أن تغيير نمط الحياة وحده قد يساعد في شفاء العديد من المرضى إذا كان ارتفاعًا طفيفًا في الضغط، كما يُمكنه تأخير مُضاعفات المرض، ولذلك يجب اتباع بعض وسائل الحماية لكي تحمي نفسك من ارتفاع ضغط الدم، مثل:
- قياس مستوى ضغط الدم بشكل روتيني لسرعة اكتشاف المرض وعلاجه.
- كما يجب تغيير نمط الحياة الكسول والمستقر وممارسة الرياضة بانتظام.
- التغيير في عادات الطعام مثل تناول الخضروات والفاكهة والتقليل من تناول الوجبات السريعة والدسمة.
- كذلك التقليل من الأملاح في الطعام لأقل من 6 جرامات يوميًا أي ما يعادل ملعقة طعام تقريبًا.
- التوقف عن تناول الكحوليات.
- التقليل من تناول المشروبات التي تحتوي على كافيين مثل الشاي والقهوة.
- التوقف عن التدخين لأن التبغ يعمل على تدمير جدران الأوعية الدموية ويتسبب كذلك في تصلب الشرايين.
- التخسيس إذا كنت تعاني من السمنة أو زيادة الوزن، ولا بدَّ أن يتم ذلك تحت إشراف الطبيب.
- تقليل التعرض للضغط النفسي والعصبي.
أدوية علاج إرتفاع ضغط الدم
هناك العديد من المجموعات الدوائية التى تستخدم في العلاج ومن أهمها ما يلي:
-
- مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين Angiotensin-converting enzyme (ACE) inhibitors
وتعمل على تقليل الضغط عن طريق الاسترخاء في الأوعية الدموية، مثل انالابريل او راميبريل وليزينوبريل، ولكن هذه المجموعة الدوائية رغم فاعليتها إلا أنها قد تتسبب في كحة جافة ومستمرة عند بعض المرضى، وقد تتسبب أيضًا في الصداع والدوخة وظهور طفح جلدي. - حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2 Angiotensin-2 receptor blockers (ARBs)
والتي تعمل بنفس طريقة مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين وتستخدم كبديل لهذه المجموعة عند ظهور الأعراض الجانبية لها، ومن أمثلة هذه المجموعة الدوائية لوسارتان و كانديسارتان و فالسارتان. - مانع قنوات الكالسيوم Calcium channel blockers
وتعمل هذه المجموعة على تقليل الضغط عن طريق توسيع الأوعية الدموية، ومن أمثلتها نيفيديبين وأملوديبين وفيلوديبين، ولها بعض الأعراض الجانبية مثل الصداع وتورم الكاحل والإمساك، ولا بدَّ من الانتباه إلى أنه عند تناول عصير الجريب فروت فإنه يزيد من فعالية هذه المجموعة لذلك يجب تجنب تناوله أثناء فترة العلاج.
- مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين Angiotensin-converting enzyme (ACE) inhibitors
- مدرات البول Diuretics
والتي تسمى بحبوب الماء، وتعمل عن طريق صرف الماء والأملاح الزائدة من الجسم عن طريق التبول، وغالبا ما تستخدم هذه المجموعة إذا ظهرت الأعراض الجانبية لحاصرات قنوات الكالسيوم، وهي من أوائل المجموعات التي تستخدم في علاج إرتفاع ضغط الدم.
ومن أمثلتها إندامايد وبيندروفلوميثايازيد، ولهذه المجموعة بعض الأعراض الجانبية مثل الدوخة عند الوقوف، والشعور بالعطش وكذلك الحاجة للتبول مرات متعددة طوال اليوم وكذلك قد ينخفض مستوى الصوديوم والبوتاسيوم في الدم عند تناول هذه الأدوية لفترات طويلة.
- حاصرات المستقبلات بيتا Beta blockers
وتقلل هذه المجموعة الدوائية الضغط عن طريق جعل القلب ينبض ببطء وبقوة أقل، وهذه المجموعة من أقل المجموعات الدوائية في الفاعلية في علاج إرتفاع ضغط الدم ولذلك فقد قلَّ استخدامها في العلاج، ومن أمثلتها أتينولول وبيسوبرولول، ولها بعض الأعراض الجانبية مثل الدوخة والصداع والشعور بالتعب واليدين والقدمين الباردتين.
مجموعات دوائية أخرى لعلاج إرتفاع ضغط الدم
كما أن هناك العديد من المجموعات الدوائية الأخرى التي تستخدم في العلاج، وقد يصف الطبيب واحدة من هذه المجموعات أيضًا مع أحد المجموعات التي سبق ذكرها، ومن أهمها ما يلي:
- حاصرات المستقبلات ألفا
وتعمل هذه المجموعة عن طريق إرسال إشارات عصبية للأوعية الدموية للاسترخاء، ومن أمثلتها دوكسازوسين وبرازوسين. - حاصرات المستقبلات ألفا وبيتا
وهذه المجموعة تقوم بإرسال إشارات عصبية للأوعية الدموية للاسترخاء وكذلك تقليل ضربات القلب وبالتالي تقليل كمية الدم التي يدفعها القلب في الأوعية الدموية، ومن أمثلتها كارفيدلول ولابيتالول. - مضادات الألدوستيرون
وتعدُّ هذه المجموعة من مدرات البول، وتستخدم هذه المجموعة في علاج إرتفاع ضغط الدم المقاوم للأدوية، ومن أمثلتها سبايرونولاكتون وإبليرينون. - مُثبطات الرينين
وتعمل هذه المجموعة على تقليل نشاط إنزيم الرينين الذي يتم إفرازه في الكلى وقور برفع ضغط الدم، ومن أمثلته أليسكايرين، ويجب تجنب تناول هذا الدواء مع بعض المجموعات الأخرى مثل مجموعة مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين وكذلك حاصرات مستقبلات الأنجيوتينسين. - موسعات الأوعية الدموية
وتعمل هذه المجموعة على العضلات المحيطة بالشرايين بشكل مباشر وتمنعها من الانقباض وبالتالي تزيد من سعة الأوعية الدموية وتقلل الضغط، ومن أمثلتها المينوكسيديل وهيدرالازين.
متابعة علاج إرتفاع ضغط الدم
وتعدُّ هذه الخطوة من أهم خطوات علاج إرتفاع ضغط الدم، ولا بدُّ فيها من اتباع التالي:
- عند اكتشاف ضغط الدم والبدء في العلاج الدوائي تحت إشراف الطبيب لا بدُّ من زيارته مرة كل شهر، وذلك لتقويم وتعديل جرعة الدواء حسب استجابة كل فرد وذلك حتى وصول ضغط الدم إلى القياس المُناسب.
- عند الوصول إلى القياس المطلوب للضغط لا بدَّ من زيارة الطبيب كل 3-6 أشهر للمتابعة والفحص لاكتشاف ظهور أي أمراض أو أعراض أخرى، وكذلك لاكتشاف ظهور أي مضاعفات.
- إذا كنت تعاني من مرض السكر أو أي أمراض أخرى فإنك بحاجة لمتابعة الطبيب عن كثب لتجنب المضاعفات.
- عند التقدم في السن فإن الأوعية الدموية تزداد في صلابتها وبالتالي فهناك بعض الأدوية التي لن تعمل معك بشكل جيد، ولذلك فإن متابعة قياسات الضغط وتغيير خطة العلاج قد يكون مناسبا في هذه المرحلة.
- لا بدَّ من الفحص الروتيني بانتظام لمتابعة وظائف الكلى ومتابعة القلب والعيون والأعضاء التي قد تتأثر بارتفاع ضغط الدم.
ولكن لماذا قد أهتم بـ علاج إرتفاع ضغط الدم والذي لا يتسبب لي في أي أعراض إلا بعض الصداع أحيانًا؟ هذا السؤال قد يتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ.
إذ يظن العديد من المرضى أنهم ليسوا بحاجة إلى علاج طالما ليس هناك أعراض! وبالطبع فإن هذا التفكير ليس صحيحًا على الإطلاق، وفيما يلي سوف نتعرف على أبرز المضاعفات الناتجة من ارتفاع ضغط الدم.
مضاعفات ارتفاع ضغط الدم
هناك العديد من المضاعفات الخطيرة التي قد تنتج من ارتفاع ضغط الدم، ويطلق الأطباء على هذا المرض (القاتل الصامت) كما أشرنا سابقًا، إذ يتسبب في زيادة تصلب الشرايين، وبذلك فقد ينتج عنهما العديد من المضاعفات الخطيرة، ومن أبرز مُضاعفات ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين ما يلي:
- فشل عضلة القلب.
- الإصابة بالأزمات القلبية.
- الفشل الكلوي.
- السكتة الدماغية.
- بتر الأطراف عند الإصابة بالغرغرينا.
- اعتلال شبكية العين الذي قد يؤدي في النهاية إلى العمى.
هذا بالإضافة إلى العديد من المضاعفات الأخرى، ولذلك لا بدَّ من قياس ضغط الدم بشكل روتيني ومستمر لاكتشاف مرض ارتفاع ضغط الدم مبكرًا، وكذلك لا بدَّ من الحرص على علاج إرتفاع ضغط الدم تحت إشراف الطبيب المعالج.
الخلاصة
إن علاج إرتفاع ضغط الدم يعدُّ أمرًا بالغ الخطورة والأهمية، إذ أن مرض ارتفاع ضغط الدم معروف بالقاتل الصامت الذي يجب متابعته باستمرار لتجنب مضاعفاته، ويعدُّ تغيير نمط الحياة أول وأهم خطوات العلاج فيجب ممارسة الرياضة بانتظام وكذلك التوقف عن التدخين والكحوليات وتقليل الملح في الطعام، كما يتم استخدام مجموعات دوائية متعددة في العلاج وذلك حسب رؤية الطبيب المعالج.
المصادر
- https://www.ahajournals.org/doi/10.1161/HYPERTENSIONAHA.120.15026
- Hypertension – American Family Physician
- First-Line Treatment for Hypertension – Cochrane for Clinicians – American Family Physician
بقلم د. شيماء قرني عبد الله