أمراض

جرتومة المعدة.. كيفية اكتشافها، والتخلص منها نهائياً؟

جرتومة المعدة واسمها العلمي هيليكوباكتر بيلوري (H. pylori) هي نوع من البكتيريا. يمكن أن تدخل الجسم وتعيش في الجهاز الهضمي لسنوات عديدة دون أن تشعر. وبعدها تكتشف الأمر عند حدوث تقرحات في بطانة المعدة أو الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة، وقد يصل الأمر إلى الإصابة بسرطان المعدة، إذا لم يتم علاجها.

وللأسف فإن الإصابة بالبكتيريا الحلزونية البوابية شائعة جداً. فقد أثبتت الدراسات أن حوالي نصف سكان العالم تسكن هذه البكتريا في أجسادهم، ولا يشعر بها الكثيرون، إلا عندما تُسبب أعراض حادة. لذلك يجب اتباع العادات الصحية لحماية نفسك وأطفالك من الإصابة بها. كما يجب تثقيف نفسك حول أعراضها، كيفية اكتشافها، وكذلك العلاج الأمثل في هذه الحالة. وهذا بالضبط ما سنناقشه في هذا المقال، فاقرأه للنهاية.

ما هي جرتومة المعدة؟ وكيف تُسبب مرض الإنسان؟

تعريف جرتومة المعدة

تُعد جرثومة المعدة أو الملوية البوابية  أحد أنواع البكتيريا الشائعة التي تنمو في الجهاز الهضمي. فقد ثَبُت أن حوالي 44% من الناس في جميع أنحاء العالم مصابون بها، وفقاً لتحليل إحصائي تم إجراؤه عام 2018. تميل هذه البكتيريا إلى مُهاجمة بطانة المعدة.عادةً ما تكون عدوى الملوية البوابية غير ضارة لسنوات عديدة.

سُميت حلزونية، لأن شكلها حلزوني. وتتكيف الحلزونية البوابية مع العيش في بيئة قاسية وحمضية في المعدة. فهي:

  • يُمكنها تغيير البيئة المحيطة بها وتقليل الحموضة حتى تتمكن من البقاء على قيد الحياة بسهولة أكبر. 
  • يسمح الشكل الحلزوني لجرثومة الملوية البوابية اختراق بطانة المعدة، حيث تكون محمية بالمُخاط المُبطن لجدار المعدة، وبالتالي لا يُمكن لخلايا الجسم المناعية الوصول إليها. 

غالباُ ما تُصيب بكتيريا الملوية البوابية معدة الشخص أثناء الطفولة، أي أن جرثومة المعدة عند الاطفال هي البداية، وتبقى معهم لسنوات بدون أعراض، وغالباً لا يتم اكتشافها. 

طريقة إلحاقها الضرر بالانسان

لعقود من الزمان اعتقد الأطباء أن سبب معاناة المرضى من قرحة المعدة هو الإجهاد، تناول الأطعمة الغنية بالتوابل، التدخين، أو غير ذلك من العادات السيئة. ولكن عندما اكتشف العلماء بكتيريا الملوية البوابية في عام 1982، وجدوا أنها هي سبب معظم قرح المعدة، لهؤلاء المرضى.

فبعد دخول جرتومة المعدة إلى الجسم، تهاجم البطانة التي تحمي جدار المعدة من الحمض الذي تفرزه المعدة لهضم الطعام.وبمجرد أن تسبب البكتيريا قدراً كافياً من تآكل هذه البطانة، يتمكن الحمض من اختراق البطانة بسهولة، مما يؤدي إلى حدوث قرحة المعدة. وما يُصاحبها من النزيف، والذي يظهر في تغير لون البراز للون الأسود. وكذلك التهاب المعدة، وظهور علامات سوء الهضم.

احترس!!

فجرثومة المعدة معدية، ويُمكن أن تنتقل من شخص إلى آخر عن طريق:

  •  الطعام أو الماء الملوث.
  • استخدام أدوات طعام شخص مصاب بها
  • من خلال ملامسة اللعاب أو أحد سوائل الجسم الأخرى للمصابين بها. 
  • عن طريق تقبيل شخص مصاب.
  • عدم غسل اليدين جيداً بعد قضاء الحاجة فهي تنتقل عن طريق ملامسة براز الشخص المريض.

ولذلك تجد أن جرتومة المعدة أكثر شيوعاً في البُلدان التي تفتقر إلى المياه النظيفة أو أنظمة الصرف الصحي الجيدة. أو بين أفراد الأسرة الذين يتشاركون أنية الطعام.

 

والآن سنحاول توضيح أعراض جرثومة المعدة المزمنة، فتابع معنا.

ما هي أعراض جرتومة المعدة؟

إن لجرثومة المعدة اعراض كثيرة، وبوجود أكثر من عرض من هذه الأعراض يجب أن تتوجه فوراً للطبيب، للتأكد من التشخيص، وبدء العلاج فوراً:

أولاً أعراض جرثومة المعدة الخفيفة

  • ألم في المعدة قد يكون خفيف أو حارق، ويحدث خاصة عندما تكون المعدة فارغة.
  • انتفاخ المعدة.
  • غثيان.
  • ضعف الشهية
  • فقدان الوزن غير المبرر.
  • التقيؤ المتكرر.
  • ولمن يسأل هل التجشؤ من أعراض جرثومة المعدة؟ فالإجابة هي نعم كثرة التجشؤ هو أحد أعراض جرتومة المعدة.

ثانياً أعراض جرثومة المعدة المزمنة

  • دم في البراز.
  • صعوبة في البلع.
  • فقر دم.
  • براز أسود اللون أو دم في القيء.
  • الشعور بالشبع في وقت مبكر من الوجبة.
  • عدم الراحة أو تورم في البطن.
  • آلام في المعدة.
  • التعب أو الضعف.
  • يوجد أيضاً علاقة بين جرثومة المعدة والدوخة المتكررة.
  • وأيضاً يوجد علاقة بين جرثومة المعدة وضيق التنفس.

 

هل يكفي ظهور عدد من الأعراض السابقة لتشخيص جرتومة المعدة؟ أم لابد من عمل تحليل جرثومة المعدة؟! لمعرفة الإجابة تابع الفقرة القادمة.

كيفية تشخيص جرتومة المعدة؟

إذا ظهر لديك عدد من الأعراض السابقة، سيكون عليك إجراء تحليل جرثومة المعدة. من التحاليل التي يمكن التأكد من خلالها:

  • فحص الدم: عن طريق سحب عينة دم من ذراع الشخص أو يده. ثم إرسالها إلى المختبر لفحص الأجسام المضادة لبكتيريا الملوية البوابية.
  • اختبار البراز: بالنسبة لهذا الاختبار ستستخدم حاوية معقمة تحضرها من المُختبر، لجمع عينة من برازك. ثم تقوم بإرسالها إلى المختبر لإجراء اختبار براز كامل أو اكتشاف وجود جرتومة المعدة.
  • اختبار التنفس: يستخدم اختبار تنفس اليوريا للكشف عن وجود مستويات غير طبيعية من ثاني أكسيد الكربون، والتي يمكن أن تكون علامة على الإصابة بالبكتيريا الحلزونية. ويتم عن طريق جمع زفير المريض في كيس مرتين الأولى زفير طبيعي، والثانية بعد ابتلاع سائل أو حبة تحتوي على مادة مشعة غير ضارة. يمكن لأخصائي الرعاية الصحية بعد ذلك مقارنة العينتين لمعرفة ما إذا كنت مصاباً بالبكتيريا الحلزونية البوابية.
  • منظار داخلي: قد يوصي أخصائي الرعاية الصحية بإجراءه إذا كانت نتائج الاختبارات الأخرى غير حاسمة. حيث يستخدم لإلقاء نظرة على المريء، بطانة المعدة، وجزء من الأمعاء الدقيقة من الداخل. عن طريق إدخال أنبوب طويل ورفيع به إنارة داخلية نسميه المنظار في الفم ونزولاً إلى المعدة والاثني عشر، يقوم بالتقاط صور داخلية، وعرضها على الشاشة ليراها الطبيب.
  • عينة من المعدة: يتم انتزاعها عن طريق المنظار الداخلي، ولكنها آخر ما قد يلجأ له الطبيب.

بعد التأكد من التشخيص، لابد من البحث عن علاج جرثومة المعدة نهائيا. إليك ما يجب عليك فعله.

جرثومة المعدة وعلاجها

إذا كنت مصاباً بجرتومة المعدة، فستحتاج إلى بعض الأدوية، لحمايتك من الإصابة بقرحة المعدة، أو سرطان المعدة في الحالات المزمنة. عادةً ما يتضمن استخدام الأدوية لعلاج عدوى الملوية البوابية مزيجاً من المضادات الحيوية و مثبط مضخة البروتون (دواء يقلل من حموضة المعدة). يعرف هذا العلاج باسم العلاج الثلاثي.

تتضمن بعض الأدوية المستخدمة في علاج عدوى الملوية البوابية ما يلي:

  • كلاريثروميسين
  • مثبطات مضخة البروتون: مثل لانسوبرازول (بريفاسيد)، إيزوميبرازول (نيكسيوم)، بانتوبرازول (بروتونيكس)، أو رابيبرازول (أسيفيكس).
  • ميترونيدازول.
  • أموكسيسيلين.

قد يختلف العلاج اعتماداً على تاريخك الطبي وإذا كنت تعاني من حساسية تجاه بعض الأدوية. وتقدر مدة علاج جرثومة المعدة ب14 يوم في أغلب الحالات، ونادراً ما يتم علاج جرثومة المعدة في أسبوع. وبعد انهاء العلاج قد تحتاج إلى اختبار متابعة لجرثومة الملوية البوابية، للتأكد من أنه تم القضاء عليها نهائياً، وإلا تحتاج إلى تكرار الدواء. 

 

ماذا لو لم يتم علاج جرتومة المعدة هل من الممكن أن تسبب بعض المضاعفات؟! هذا هو موضوع السطور القليلة القادمة. فتابع معنا.

ما هي المضاعفات المحتملة لعدوي جرتومة المعدة؟

يمكن أن تؤدي عدوى الملوية البوابية إلى القرحة الهضمية، لكن العدوى أو القرحة نفسها يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات أكثر خطورة. مثل:

  • النزيف الداخلي: والذي يمكن أن يحدث عندما تمتد القرحة المعدية لتشمل جدار الأوعية الدموية. وينتج عنها الإصابة بفقر الدم الناتج عن نقص نسبة الحديد في الدم.
  • انسداد المعدة: والذي يمكن أن يحدث عندما يمنع شيء مثل الورم الطعام من مغادرة معدتك، وإكمال دورته الطبيعية.
  • انثقاب المعدة: يحدث عندما تمتد القرحة لتشمل جدار المعدة بكامل سمكه.
  • التهاب الغشاء البريتوني: وهي عدوى تصيب الغشاء البريتوني المبطن لتجويف البطن.
  • يمكن أن تزيد بكتيريا الملوية البوابية أيضاً من خطر الإصابة بسرطان المعدة. هذا الخطر أعلى بين المدخنين، وكذلك بين السود / الأمريكيين الأفارقة واللاتينيين والأسبان والآسيويين. وذلك وفقاً لدراسة جماعية كبيرة أجريت عام 2019.

 

هل هناك طريقة لحماية نفسك من الإصابة بهذه العدوى؟! تابع معنا المقال لتعرف.

ما هي طُرق الحماية من الإصابة بجرتومة المعدة؟

لا يوجد لقاح للحماية من بكتيريا الملوية البوابية، ولكن ممارسة العادات الصحية والنظافة يمكن أن تساعد في منع العدوى. حيث يمكنك تقليل خطر الإصابة بعدوى الملوية البوابية عن طريق:

  • غسل اليدين بشكل دائم، خاصةً قبل طهي الطعام أو تناوله، أو بعد استخدام الحمام.
  • شرب الماء من مصدر تعرف أنه آمن ونظيف.
  • تجنب الأطعمة التي لم تنظف بشكل صحيح أو تم طهيها بأمان.

الخلاصة

جرتومة المعدة هي عدوى شائعة جداً، خاصة في البلدان الفقيرة. تصيب الجسم في مرحلة الطفولة غالباً. وتظل كامنة دون أعراض لسنوات طويلة. وهي السبب خلف معظم قرح المعدة في مرضى القرحة. ويتم تشخيصها بعدة اختبارات. ولعلاجها يتم تناول بعض الأدوية. ويمكنك وقاية نفسك بالحفاظ على معايير النظافة الشخصية، ونظافة مأكلك ومشربك. فبالطبع الوقاية خيرٌ من العلاج.

المصادر

بقلم د. سمر غنيم

فريق أطباء صحة لاند

مجموعة من الأطباء والصيادلة نفيدك بكل ما يخص صحتك من مصادر موثوقة.
زر الذهاب إلى الأعلى